الأربعاء، 13 مارس 2019

تغيرت الأيام.



لاضير فأنا أمام فوضى في الذاكرة، والتاريخ، والأحداث، والحاضر.

لا أفهم أين أسير وأين أتجه؟

الأسابيع باتت مجردة، والأيام أصبحت مبعثرة...!

أصحو الصباح لأنام في المساء، وعبر الهاتف المحمول أتحدث إلى صديق لا أعرف ملامح وجهه.




الأربعاء، 6 مارس 2019

النجاح.


النجاح هو الانتقال من فشل إلى فشل دون أن تفقد حماسك.   "ونستون تشرشل".


السبت، 2 مارس 2019

مقبرة النسيم



مـَـقْـبرة النَّـسيم



*السّـبــ7ــعة


الفصل الأول:
دِحنان
وحينما سألت الصديق العزيز دحنان عن حياتهم في المقبرة..؟ كان يبتسم أولاً ثم يقول كلمة واحدة لا يحيد عنها:
الأمر يابدر بسيط جداً..... باختصار: " تعودنا".
دحنان والده يعمل في المقبرة منذُ سنوات طويلة، ولديهم سكن صغير تُطل أبوابه على أحد الشوارع الرئيسية لحي السلام.
كان دحنان يعتبر نفسه من سكان حي السلام، وفي غالب الوقت يمازحني بأنني البدوي الجاف لأنّي من أبناء حي النسيم على حد قوله.



الفصل الثاني:
المقبرة في الليل
الساعة الآن الحادية عشر مساءً، حيث يقف دحنان عند باب منزلهم، والذي لايبعد عن بوابة المقبرة إلا مسافة قليلة...
تأتي إمرأة تطلب منه أن يساعدها في الدخول للمقبرة حيث أنها في حالة اشتياق لزوجها المتوفي قبل عدة أشهر، والذي لم تتمكن من رؤيته قبل موته.
ولماذا لم تشاهديه قبل الدفن أو عند الموت.؟ "دحنان يسأل ".

المرأة: يا أخي إن أهله اتهموني بأنني أنا من عجّل بموته، فقد كان زوجي يعاني من ارتفاع ضغط الدم،
وفي الليلة التي سبقت وافاته، حدث بيني وبينه سوء تفاهم مما اضطره مغادرة المنزل والذهاب إلى أحد أصدقائه والمبيت عنده.
وحدث قدر الله، وتوفي زوجي في فراشه وهو نائم.
دحنان: ويبدو أنك تشعرين بالذنب وتريدين أن تزوريه وتطلبي منه السماح... ولكن كما تعلمين يا أختي فزيارة المقابر للنساء محرّمة وممنوعة.
...
غادرت المرأة المكان وذهبت تسير على قدميها باحثة عن سيارة أجرة تُعيدها لبيتها الذي أصبح مُظلماً وكئيباً، بعد رحيل زوجها.


الفصل الثالث:
المقبرة
كانت المقبرة ولازالت تفصل حي النسيم عن حي السلام، وهناك اختلاف واضح وكبير يراه الخارج من النسيم إلى حي السلام مع أن الفاصل بينهما هو إشارة مرورية واحدة لنهاية طريق قصير جداً يخترق المقبرة ويفصل جهتها الشمالية عن الجنوبية.
لم تكن الجهة الشمالية من المقبرة مشغولة بالأموات.. كانت مُستخدمة من بلدية النسيم لأغراض عديدة، مع استغلال الشباب للمساحات الأخرى الفارغة للعب كرة القدم.
في العام ١٤١٨ للهجرة بدأ أهل الحي يتخذون من رصيف المقبرة ملجأً لممارسة رياضة المشي.. فلا حدائق ولامنتزهات في تلك الحقبة.
في أول الأيام كانوا يفعلون ذلك على استحياء، لأن كل قاصد للحي سيمر من جوار المقبرة ويشاهد الشخص الذي يمشي على رصيفها.
لذلك اضطرّ الكثير أثناء المشي أن يلتزم بارتداء الثوب، مع قلة قليلة من الناس استطاعت ارتداء الملابس الرياضية.
...... فيما بعد تغيّر الحال، وباتت الغالبية ترتدي الملابس الرياضية وخاصة الشباب منهم.
*نلحظ هنا حالة التقارب الجيدة التي حدثت لاحقاً بين سكان الحي وبين المقبرة وتحسّن العلاقة بين الطرفين، مع أنّ الناس في غالب الأمر يتملّكهم شيء من الخوف والرهبة عند رؤية المقابر أو حتى عند سماع ذكرها"..


الفصل الرابع:
الأستاذ يقوم بتحضير الطلاب وعندما وصل لاسم "دحنان" توقف وألقى سؤالاً غريباً وعجيباً:
متزوج؟
أجاب دحنان الأستاذ: نعم صحيح، وهز رأسه بكل ثقة،
 ....
  إنها حالة ذهول كبيرة من الطلاب وأولهم أنا صديقه في المرحلة الابتدائية وجار طاولته في المرحلة الثانوية.
أعدت ذات السؤال على دحنان بعد نهاية الحصة، وأعاد علي ذات الإجابة.
ولماذا تتزوج مبكراً وعمرك لم يتجاوز ١٧ عاماً..؟!
دحنان: هل تريد أن أموت غداً وليس لدي أطفال، وينقطع نسلي في هذه الحياة....!  لابد أن يتزوج الإنسان مبكراً، فالحياة ليست مضمونة.
ولماذا أخفيت عني وعن الأصدقاء هذا الأمر..؟
دحنان: أنت تعرف الطلاب يابدر وفضولهم، وقلت ستعلمون يوماً ما، وها أنتم الآن عرفتم.
...............

*هل كان لمجاورة المقبرة، والسكن في حدودها تأثيراً على حياة دحنان وعلى تفكيره وعلى شخصيته؟! ..
لماذا عاش دحنان هذه النظرة التشاؤمية عن الدنيا؟!
هل رؤية الأموات في كل يوم جعلت من هذا الولد القصير والنحيل يسارع للزواج خشية أن يموت مبكراً..؟!






الفصل الخامس:
ضيوف الحي
يخشى ضيوف وزوّار الحي رؤية المقبرة، ويعتبرونها مكاناً غريباً عليهم.. بعكس سكان الحي الذين تناسوا حتى الدعاء المشهور عن النبي عند زيارة المقابر، لأن المقبرة أصبحت أمراً عادياً ومعتاداً بالنسبة لهم.
.... ذات مرة كنت في صحبة الصديق عبدالله الحميدي، وحينما توقفنا عند الإشارة التي بجوار المقبرة أخذ يقرأ دعاء زيارة القبور، فتعجبت حينها وقلت له:
هل تعلم ياعبدالله أنني لم أقرأ هذا الدعاء طيلة حياتي.


الفصل السادس:
الهجرة من الحي
في عام ١٤٢٨ هـ قررنا ترك منزلنا في حي النسيم بعد حياة دامت ٢٥ عاماً...
كان قراراً مؤلماً وصعباً للغاية.. كان أمراً في غاية الجنون بالنسبة لي...
رفضت فكرة الرحيل حينها ولم أقبلها أو أتصورها ... ولكن إصرار الوالدة على الانتقال بعد وفاة أخي حمود جعل الوالد يتقبّل الفكرة مع صعوبتها الكبيرة والقاسية عليه وعلينا جميعاً.



الفصل الأخير:
أقارب الأموات يرحلون
عدد الأموات من أقارب السكان الذين تم دفنهم في مقبرة النسيم في حالة تزايد مستمر..
وكل من يمر بجوار المقبرة يتذكر جدّه، أو جدته، أو والده، أو والدته، وربما أخيه، أو أخته، أو قريب، أو صديق.
 لم يعتاد الأهل على هذا الشعور في بداية استيطانهم للحي..
كان مجاورة المقبرة أمراً هينّا بالنسبة لهم.. لكن الحال تغيّر مع مُضي السنوات...
القلوب بدأت تضعف وتنهار... فالأمر ليس بالهيّن أن تُجاور الأموات،، فكيف إن كان هؤلاء الأموات هم أهلك، وجيرانك، ورفاق دربك.

في العام ١٤٢٨ هـ  بدأ بعض سكان الحي بالرحيل إلى أحياء أخرى... تاركين خلفهم الجيران، والأقارب، والذكريات المُرّة والجميلة، وتاركين خلفهم المقبرة أيضاً.
مع حلول العام ١٤٣٠هـ  بدأت أعداد المهاجرين بالتزايد، وكل بيت، وكل عائلة لها عذرها وأسبابها في الرحيل.




العوائل الباقية
لاتزال بعض العوائل التي تُعد على أصابع اليد الواحدة، تسكن الحي وترفض فكرة المغادرة.
من أشهر هذه البيوت، هو بيت العم حمود سلطان المشدق، وهذا الرجل الكبير هو من أوائل من سكن الحي، وكانت له قهوة يومية بعد كل صلاة عصر يحضرها أهل الحي..... وزوجته أم خالد كانت هي الأخرى امرأة عظيمة جداً، وتحرص على أهل الحارة، وتتفقد أحوالهم دائماً.
أيضاً منزل المرحوم بداح سلطان الحربي وهو من أوائل الساكنين للحي بل يقال أنه هو من كان له دور كبير في إقناع أبناء عمومته في الشراء في هذا الحي والسكن فيه، وكان يعمل ضابط  في الشرطة.
الجار أبا عبدالعزيز، مطر المطيري، أحد السكان الذي آثر شراء أرض أخرى في داخل الحي وبناء منزل جديد له ولأولاده بدلاً من الانتقال لحي جديد، ولسان حاله يقول:  بجيرانها تغلو الديار وترخص.
كما لايزال هناك بيت معين الشيباني، وهو رجل من سكان الحي القديمين، ومالك للإبل، وكان لا يأتي منزله إلا قليلاً نظراً لانشغاله في هذه المهنة الشاقة، ومع ذلك كله... كان مهتم جداً في تعليم أبنائه في أفضل المدارس.
أيضاً أبناء المرحوم عمر محيجين لايزالون هناك في الحارة، وهو صاحب أقدم بقالة في الحي، وكان مؤذن المسجد، ورجل عُرف عنه التقوى والصلاح.
الجار سعود جعيثن لايزال هو الآخر يرفض فكرة الرحيل من الحي، وهو رجل عسكري شهد معركة الخليج.
قف بالمقابر صامتاً متأملا
كم غاب فيها صامت وسؤول
وسل الكواكب كم رأت من قبلنا
أمما، وكم شهد النّجوم قبيل
تتبدّل الدّنيا تبدّل أهلها
واللّه ليس لأمره تبديل


العيد 1445 هـ

كل عام وأنتم بخير .... يعود العيد في كل عام ... وفي كل عام تختلف الأجواء ...  في هذا العيد كانت الأجواء ماطرة وجميلة .. وكل شيئ كان رائعاً. ...