الأربعاء، 6 أغسطس 2014

أكذوبة الوعي في بلادنا!


حين تسمع مسؤولاً يخرج لك في الاذاعة أو التلفاز يردد عبارة
" لابد أن يكون لدى الناس وعي"
فاعلم أخي الانسان أن هذا المسؤول فاشل بامتياز، 
الوعي أو توعية الناس بدون تهديد وعقوبات صارمة، هو مخالفة صريحة لفطرة الانسان، فالله عز وجل أنزل الأحكام على الأخطاء الكبيرة التي يفعلها بنو البشر على الأرض، وشدد على تنفيذها وعدم التهاون فيها. 
القاتل يُقتل، السارق تُقطع يده، الزاني يُجلد، المفسد في الأرض تقطع أيديه وأرجله من خلاف.
لارحمة مع الذين لايرحمون الناس. 
قد يقول قائل أن بعض من يقود السيارة مراهقين.
المراهق كما يفهم ويعرف أن القاتل مصيره القتل، سيعرف ويعي أن التفحيط أو التهور بالقيادة بشكل خطير وقطع الاشارات نهايته السجن والعقوبة القاسية.
حينها لن ولن يفكر،، وأكرر لن يفكر لأن التفكير هو بداية التنفيذ. 
السعودي في اوروبا في أول دقيقة يركب بها سيارته بعد نزوله المطار يذهب لمحل تأجير السيارات ، ويأخذ سيارته ثم يربط الحزام ويبدأ القيادة بانضباط، وهو لم يسمع ولم يشاهد أي وسيلة توعوية قبل أن يقود سيارته،  بينما القيادات في المرور لدينا يرددون ليل نهار كلمة توعية كعذر لفشلهم الذريع في ضبط قيادة الناس داخل بلادنا. 
بل هم من أكثر المتهمين في تفشي ظاهرة التفحيط والقيادة المتهورة.
تخيلوا معي، سنوياً يموت أكثر من ١٠ الاف انسان في السعودية بسبب الحوادث وتهور القيادة.
من وراء ذلك؟  هل هو الوعي؟!! 
الوعي يا صديقي المرور هو مرحلة متقدمة من الفهم، وليست بداية.
الوعي يأتي بعد سيل من العقوبات تمارس ضد التصرفات الخطيرة.
فالشعوب التي لديها وعي هي شعوب أدبتها الأنظمة القوية والمتابعة المستمرة لكل التصرفات الخاطئة في جميع أرجاء البلاد وليس التركيز على حي ومنطقة وترك أخرى.
سيارات صغيرة مطمسة بالسواد تجوب الشوارع والأحياء ولايعرف مابداخلها، ويفعل قائدها مايحلو له، ولا أحد يستطيع كشف هويته، تظليل كامل للسيارة وتظليل للمرور والشعب.
هذه أوضح مخالفة مرورية لاتحتاج وعي أو ادراك من السائق، والمرور يعجز عن حلها لسنوات وسنوات.
خدعونا فقالوا وعي. 

الجمعة، 20 يونيو 2014

طابور دانكن.



حين تذهب في الصباح الباكر إلى أكثر المقاهي اقبالاً في الآونة الأخيرة، تجد نفسك أمام طابور من الخليط المتنوع من البشر، الفقير والغني، النحيل والسمين، الفاضي والمستعجل، جميعهم توجهوا لهذه القهوة الشهيرة، والتي تسمى دانكن دونات.

دانكن دونات ليست وليدة العشر سنوات الماضية بل هي علامة قديمة بدأت عام ١٩٥٠ ميلادي بالولايات المتحدة وأسسها وليام روزنبوق، والآن أصبحت ملكيتها لمجموعة ألمانية.
كانت اهتمامات دانكن في بداية الأمر تصب في المعجنات والفطائر ثم اتجهت لصناعة القهوة فيما بعد.
تخدم دانكن أكثر من ٢،٥ مليون زبون يومياً، ودخل سنوي يفوق الخمسة مليار دولار. 

وفقا لمصادر الانترنت، توجد دانكن في ٦ دول عربية فقط، هي السعودية والبحرين وقطر والامارات والكويت ولبنان.

السؤال الذي يهمنا الآن, ما الداعي وراء هذا الاصطفاف والانتظار منذو الصباح الباكر لاحتساء هذه القهوة.

بعد مرور أكثر من عشر سنوات على ترددي لهذه القهوة، اكتشفت عدة أسباب لذلك، وربما أن غالبيتكم لديه أسبابه الأخرى:

أولاً: عملت دانكن دونات على استهداف الطبقة الأكثر انتشاراً بين الشعوب، وهي طبقة متوسطي الدخل ومادونها، وذلك من خلال أسعار معقولة جداً، سعر كوب القهوة لايزيد عن ٢ دولار.
ثانياً: اتاحة موارد المحل تحت تصرف الزبون، حتى شعر البعض أن دانكن دونات هو جزء من حياته، وصار يدافع عنه حين يهاجم.  
ثالثاً: التركيز على جودة القهوة ومقدارها بشكل منضبط.
رابعاً: السهولة في تقديم القهوة وسرعتها.
 خامساً: عدم الاهتمام بشكل كبير في الحالة العامة للمحل، فتلاحظ طاولات رخيصة وبسيطة من ايكيا، ومقاعد الجلوس البعض منها أصبح متهالك، ومع ذلك الكل مستمتع بالجلوس.

سادساً: مرحلة ماقبل منع التدخين وبعدها بفروع دانكن في السعودية.
تصرفت دانكن بشكل غريب مع قرارات منع التدخين في السنوات الماضية داخل المحل، حيث كانت معظم المحلات تدفع بشكل يومي للحكومة السعودية مخالفة السماح للمدخنين بالتدخين داخل المحل، مقابل الإبقاء على الزبائن داخل المحل وعدم مضايقتهم،  والواضح أن الهدف وراء ذلك ليس تضحية منها لأجل عملائها، بل لأن قيمة دفع المخالفة أقل بكثير من دخل عشرة أشخاص يقومون بالتدخين داخل المحل. ومع ذلك أرى أن في تصرفها هذا تضحية لعملائها المدمنين.

سمعت بزبائن يعشقون محلات للقهوة لكن لم أسمع من قبل بأن محل قهوة يعشق زبائنه لهذا الحد! 

مرحلة مابعد التدخين: 
توقع الكثير انخفاض الاقبال على دانكن بعد تشديد الرقابة عليه ومنع التدخين داخل أورقته, ولكن المفاجيء هو استمرار الزبائن بالتدفق بشكل مستمر، فطعم القهوة في دانكن يصعب الاستغناء عنه. 


جمعة مباركة، نستودعكم الله. 

الجمعة، 13 يونيو 2014

مع قهوة الصباح



جرت العادة في الأيام الأخيرة من دوام المعلمين أن أعكف على السهر، فيأتي الصباح، ويحين وقت صلاة الفجر.
أذهب لتأدية الصلاة، وبعدها أتوجه إلى البوفيّه ( مطعم صغير ) قريب من المسجد، وهناك صديقنا أحمد يبدأ بتجهيز الافطار مبكراً، ويبدأ بعدها بدقائق باستقبال الأخوة العسكر، حيث موعد الدوام لديهم مبكراً.
هذه الإفاقة المبكرة لغالبية العسكر لاتمثل لهم ازعاجاً كبيراً، فالمقابل مغري جداً، حيث موعد الخروج من العمل قبل صلاة الظهر.
وأنا أتناول الإفطار على الطاولة، أنظر إلى تلك الحالة التي يعيشها العسكر من ضغوط نفسية تحسباً لوقوع أي مشكلة سياسية أو حدوث حرب لاسمح الله، أو من أوامر تعسفية داخل العمل.
وأستعيد الذاكرة للوراء، فأتذكر تقديمي على الكليات العسكرية لنيل شرف الخدمة، وكم في تلك الأحداث من دراما محزنة وأخرى مضحكة.
الانتظار على الأرصفة من منتصف الليل، ثم الهجوم في الصباح الباكر على أبواب الكليات، وكأننا مجموعة من المجانين خرجوا من السجن.
مسرحيات وحكايات انتهت برفضي وطردي خارج الكليات العسكرية بسبب مجموعة من الألوان لا أستطيع التعرف عليها بشكل دقيق، وكأن هتلر أدى هذا الاختبار قبل دخوله للمجال العسكري!
عدت للجامعات وكليات المعلمين، فهناك الأماكن الهادئة مقارنة بضجيج العسكر.
قبلت في كلية العلوم، واخترت تخصص الفيزياء، وقبلت في كلية المعلمين تخصص الحاسب الآلي، فآثرت المعلمين بسبب قربها من منزلنا أولاً، وثانياً بسبب التوظيف المباشر بعد التخرج وان كان الراتب قليل جداً.
فالمعلمين في الدول العربية لايشكلون خوفا للحكومات، فلايوجد هناك داعي لرفع رواتبهم وتحسين معيشتهم.
السنة الأولى في كلية المعلمين مرت كئيبة ومزعجة حيث قاعات الدراسة متهالكة وبدون تكييف ومليئة بالأتربة، عوضاً عن عدم تقبلي لفكرة أن أكون معلماً.
السنوات الثلاث الأخيرة تحسن الأمر قليلاً وبدأ صاحبكم يتقبل الأمر شيئاً فشيئاً، واقتنعت بأن هذا هو قدري، والان أكملت اثني عشر عاما في التعليم، ولم تعد هذه المهنة تشكل كابوساً خطيراً، أو مقلقا بشكل كبير. ربما أتوجه لعمل آخر في السنوات القادمة ان كان يناسب الطموحات وأستطيع من خلاله أن أمارس  التخصص الذي بدأت أميل إليه في السنوات الأخيرة, وهو برمجة مواقع الانترنت.
 نلتقي بكم باذن الله يوم الجمعة القادم، أستودعكم الله.
١٣ - يونيو ٢٠١٤  

الأربعاء، 4 يونيو 2014

اليوم الأخير: أبو شنب



اليوم هو آخر أيام الاختبارات، وسيختبر الطلاب مادة واحدة، وبعدها تنتهي رحلتنا الجميلة معكم،
اليوم كان يوماً جميلاً في كل شيء، بدءاً من الزميل المراقب، والذي مصادفة كان صديقي زيدان وهو من أخبرتكم عنه قبل أيام، ومن ثم الطالب أبو شنب الذي وصل متأخرا لقاعة الاختبار، والذي كان أصلع الرأس ونحيل الجسم ولديه عينان توحي لك بحس اجرامي.
بدأ الاختبار والذي كان في مادة الأدب للأول والثاني ثانوي، ومادة التوحيد للثالث ثانوي.
كل المسارات هادئة وتؤدي الاختبار بشكل جيد ماعدا مسار الثالث شرعي، حيث افتتحوا الاختبار بطلب الرزق مبكراً، ومزاولة نشاط الغش في قاعة الاختبار، وهذا يعني أنني وزميلي المراقب سنعيش معاناة كبيرة مع فئة يغلب عليها تدني المستوى الدراسي الا من رحم ربك.
المسار يحتوي على خمس طلاب بشكل عمودي. الطالب الثاني بدأ يوزع ورقته على أطراف الطاولة، كي يوحي لمن خلفه وأمامه أنه رجل كريم وسيقدم لهم التضحية في سبيل رفع درجاتهم ضارباً بعرض الحائط شخصي الكريم وزميلي زيدان.
مررت بجانبه ودفعت بورقته ووضعتها أمامه لعله يفهم أنني أعرف هذه الخطط والألاعيب. لمحت بعدها زيدان واذ بتعابير وجهه تشير إلى الأسى والحظ السيء الذي أوقعنا في هذه اللجنة.
أبو شنب هو الآخر بدأ يمارس نفس اللعبة, وأصبح يقلب عينيه بسرعة بين ورقته والورقة التي أمامه.
عاد الطالب الثاني والمدبر الكبير يكرر تصرفاته المريبة, وبدأ بوضع قدمه على كرسي الطالب الذي أمامه, ويعيدها ويكررها أكثر من مره. فهمت حينها أنها شفرة اتفق عليها مسبقاً مع زميله أبو شنب.

قام بتكرار الحركة أكثر من مرة لدرجة أن أغلب الطلاب بدأوا يلحظون تصرفاته, ذهبت إليه وطلبت منه أن يُبعد قدمه ويُحسن من جلسته, وقلت له بصوت خافت
" تراك زودتها " 
لم يقوم بأي ردة فعل واستجاب مباشرة لما طلبت منه.
أبو شنب عندما شاهد تصرفي باتجاه رئيس العصابة, تحول إلى شخص بريء, ووضع عينيه على ورقته, وكأنه شخص يحاول ويعاني في فقرة ما, وأنه يقوم بعصف ذهني بحثا عن الإجابة.

فجأة طلب مني أبو شنب أن أفسر له أحد الأسئلة, وتفاجأت أثناء نقاشي معه بأنه طالب ذكي ومتميز, فقلت له ماشاء الله عليك.. أنت فاهم وأفهم مني ,, فلماذا تسألني.
قال لأتأكد فقط.
مر نصف الوقت وبدأ الطلاب بتسليم أوراق اجاباتهم.
تأخر أبو شنب لمدة نصف ساعه ومعه اثنين من الطلاب أحدهم في الأول ثانوي والآخر في الصف الثاني ثانوي.
أشرت إلى زيدان صديقي بأن أبو شنب فاهم لكن للأسف يصر على أن يغش من الذي أمامه, فضحك زيدان وقال لا هذا هو الأفضل بينهم, هو يريد مساعدة المسكين الذي أمامه, ويقصد هنا رئيس العصابة والمدبر الكبير لعمليات وخطط الغش.
حينها أدركت أنني كنت على خطأ وأسأت الظن بقدرات أبو شنب, وهذا يأخذني إلى عدم الاستعجال والحكم بقدرات الناس من هيئتهم, وملبسهم.فالناس مخابر لامظاهر.
سلم أبو شنب ورقته وسلم بعده من بقي من الطلاب, وانتهت بذلك آخر اللحظات في قاعة الاختبارات.
شكرا لكم وشكرا للمدرسة وأعضائها الطيبين.
نلتقي باذن الله في اختبارات وأحداث أخرى في قادم الأيام.
 أستودعكم الله.

5 - يونيو - 2014 

الثلاثاء، 3 يونيو 2014

اليوم الثامن: مصطفى وأبوه وصديقهم في القاعة.


أن يكون مصطفى في قاعة الاختبار التي تراقب بها فتلك مصيبة، لكن أن يكون مصطفى وأباه وصديقه في القاعة  فالمصيبة هنا أعظم.
بدأ اختبار اليوم ولم أكن موجوداً في القاعة، فقد تأخرت عشر دقائق بسبب غفوة معتادة تأبى الا أن تنتابني في كل أسبوع، 
بعد مرور منتصف الوقت على اختبار الكيمياء، بدأ بعض طلاب الثالث ثانوي بالخروج من القاعة، بينما استمر البقية في اكمال الاختبار، وكان من بينهم السيد مصطفى.
زميلي المراقب في القاعة كان من نفس البلد الذي ينتمي اليه مصطفى، والرجل كان محترما ومؤدباً، وصاحب خلق رفيع.

بينما مصطفى يؤدي الاختبار، كان أحد الطلاب الآخرين يجلس في زاوية القاعة , وأخذ ينظر إلي من وقت لآخر وهو يوزع الابتسامات الجميلة، حتى أنني بدأت أتفقد شكلي واهتزت ثقتي بنفسي, فاقتربت منه لأعرف ماذا يريد, فنظر للورقة وقال " مافيه مساعدة "
وهنا ارتحت قليلا وأخذت أسترجع بعضا من أنفاسي, فموضوع الابتسامات ليس موضوع شخصي, فالرجل يريد العون والمساعدة فقط.
وهذه معلومة مهمة أنوه عليها زملائي أثناء المراقبة، فحين يحملق إليك طالبا بعينيه وهو مبتسما فهذا لايعني أنه يسخر من شكلك، بل هي نظرات براءة وضعف، يريد منها الطالب أن تفهم معاناته وتساعده باجابة أحد الأسئلة.
أخبرت الطالب بأنني لا أستطيع مساعدتك، فتخصصي ليس له علاقة بالكيمياء، رد علي بكل بجاحة " دبرني من هنا أو هناك"
ويقصد بهذه الجملة أن ألقي نظرة على ورقة طالب متفوق وأنظر لاجابته ثم أساعده في الحل, وهذه طريقة متعارف عليها في قاعات الاختبار منذو القدم, فحين يكون تخصص المعلم ليس له علاقة بالاختبار, ويرغب بمساعدة أحد الطلاب, فليس أمامه الا هذه الطريقة.
انسحبت عن هذا الطالب وبدأت أبتعد عن المسار الذي يجلس فيه, لأن وضعه مخيف, وربما يوقعني في حرج كبير.
الأخ مصطفى انتبه لما حدث بيني وبين زميله الطالب, فبدأ يستخدم نفس الطريقة معي ظنا منه أنني قمت بمساعدة زميله.
أخذ يرسل إلي نظرات التودد والعطف, ويكررها أكثر من مره, حتى اضطررت أنه أقترب منه ليكف عن هذا التصرف, فما أن اقتربت من طاولته حتى فاجأني بالمصافحة وسؤال سريع:  " ايه التخصص يا أستاذ ؟    "أجبته بسرعة مع سخرية " فيزياء نووية "
فرد علي: " أها  ليس لك علاقة بالكيمياء "  قلت ايه ليس لي علاقة لا من بعيد ولاقريب.
سكت مصطفى وأقفل الابتسامة المصطنعة، وعاد ينظر لورقته يفكر باجابة الفقرة التي توقف عندها.
لاحظت بعد دقائق بتردد أحد المعلمين على باب القاعة، ويأخذ بالتحدث إلى زميلي المراقب بصوت خافت، ثم يذهب ويعود مرة أخرى، حتى استغربت من تصرفه هذا, وكان ينظر الي بخجل واحترام فائق.
في الحقيقة لم يتبادر لذهني ولم أتخيل أن أب مصطفى هو من كان يتردد على الباب. كل هذا لأجل فقرة يا أبا مصطفى؟! 
اتقي الله يارجل، فهناك من الطلاب من لم يجيب على بعض الأسئلة وخرج وهو راضي عن نفسه وفرحاً بما قدم.
انزعج زميلي المراقب من تصرف أب مصطفى فنفذ طريقة ليتخلص منها من مصطفى وأبوه، فقام بوضع حد لما يحصل، فأخذ عهدا عليهم أن يساعدهم بشرط أن يبتعد الأب ويُنهي مصطفى الاختبار.
وبالفعل نجحت العملية، وانتهت بذلك تصرفات الأب الحنونة والغير مثالية, وذهب بعيداً عن القاعة.
بعد نصف ساعة تقريباً كان أغلب الطلاب قد انتهى من تسليم ورقة اجابته، وانتهت بذلك الفترة الأولى.
الفترة الثانية كانت لمرحلة واحدة فقط وكان الاختبار في أحد مواد الدين.
نعود لموضوع مصطفى وأبوه، ولماذا يحاول أغلب المصرييون الدارسين في المدارس السعودية بالحصول على نسبة ١٠٠٪ في الثانوية العامة.
بعد قرائتي على عجالة لبعض شروط القبول في الجامعات المصرية لشهادات الطلاب القادمين من السعودية، أيقنت بأن هؤلاء الطلاب وآبائهم يعيشون  معاناة كبيرة وصعوبة بالغة في الدخول في الجامعات المصرية. فالجامعات هناك تقوم بحذف مواد التربية الاسلامية والتفسير والتربية البدنية والوطنية والسلوك والمواظبة من مجموع درجات الطالب, ويحذف أيضا مجموع هذه الدرجات من علامات النهاية الكبرى. 
في الاونة الأخيرة وبعد تغير نظام النسبة العامة في السعودية وبعض الدول الأخرى, بدأت بعض الدول العربية تتشابه في كيفية احتساب النسبة العامة للمرحلة الثانوية، وأصبحت الأنظمة قريبة من بعض، لكن لازال الاختلاف في القيمة التي تفرزها هذه الدول، فالنسخة الأصلية لمصطفى تتكاثر في مصر والأردن، بينما يقل وجودها في دول الخليج .
دمتم بخير، ونلتقي غداً باذن الله في آخر أيام الاختبارات. 

4 - يونيو - 2014 

الاثنين، 2 يونيو 2014

اليوم السابع: " البراشيم "



أهلاً بكم.. اليوم هو سابع أيام الاختبارات وثاني أيام الأسبوع الثاني.
في هذا اليوم سيؤدي الطلاب امتحانين ماعدا طلاب الصف الثالث ثانوي, فسيكون لديهم مادة واحدة فقط.
بدأت الفترة الأولى برفقة معلم ملتزم ذو وجه مبتسم, حازم ودقيق الملاحظة على الطلاب,  ويجعل من المعلم الذي يرافقه متسكع بين الجدران, ووجوده مثل عدمه.
قبل بدء الاختبار حاول التأكيد على مسألة الغش أو حتى محاولة الغش, ونوه على مسألة الأوراق المتعلقة بالمادة واخراجها قبل بدء الاختبار, سواء كانت أوراقاً عادية أو حتى براشيم, حيث وجدنا أثناء دخولنا للقاعة بعض البراشيم ملقاة على الأرض.
 ماهي البراشيم؟
البراشيم ليست اسماً لكائن حي، ولا اسماً لقبيلة عربية.
بل هي أحد أشهر طرائق الغش على مر السنوات، ولها أنواع عديدة وطرق مختلفة.
يكثر انتشارها في أوقات الاختبارات، ويعشقها الطالب الكسول المغامر ويحافظ عليها ويهتم بها، بينما يصطادها مراقب اللجان صاحب التركيز العالي وشديد الملاحظة.
البراشيم طريقة عالمية للغش تستخدمها جميع شعوب العالم سواء دول العالم الأول أو العالم الثالث.
مرت البراشيم عبر الزمن بمراحل عدة, حتى تطورت وتغيرت وأصبحت أوضح وأجمل.
بداية البراشيم لم تكن سهلة, حيث كان الطالب يصنعها في أوقات حرجة قبل دخول قاعة الاختبار بدقائق, يكتبها على يده أو قدمه أو يستخدم سرواله للكتابة عليه, ثم تطور الأمر إلى أن أصبح يهتم بها بشدة ويحترمها ويعدها في الليلة التي تسبق الاختبار.
 في عصرنا الحاضر تطورت البراشيم وأصبحت تكتب في الحاسب الآلي, وتطبع بأشكال صغيرة وبخط واضح.
وعلى صفحات الموقع الشهير " wikiHow " عرض مجموعة من المستخدمين نظريات وطرق عديدة للغش بشكل احترافي, وتم تقسيم طرق الغش لطريقيتين رئيسيتين, الأولى الاستعانة بالزميل والشريك, والأخرى استخدام البراشيم والاعتماد على نفسك بشكل مباشر. سمح الموقع بعرض تجارب الآخرين وخبراتهم في هذا المجال, حتى أن البعض أدلى ببعض النصائح, مثل أن تكون البراشيم أصغر من حجم الكف, وأن يكتب بداخلها قوانين أوتواريخ أو تعاريف فقط.
وهناك أيضاً في الموقع صفحة أخرى تحدثت عن كيفية الغش باستخدام الوسائل والأدوات المدرسية، أو استخدام بعض الأدوات التي يُسمح بالدخول بها في قاعة الاختبار، مثل: الساعة والمناديل, وربطة العنق.
وفي الكويت عرضت مدونة جليب خبراً عن أغرب تجارة في الكويت, حيث قامت امرأة أطلقت على اسمها "أم برشامة" بفتح حساب لها بتويتر, وعرضت منتجاتها المتنوعة في البراشيم, حيث استغلت هذه المرأة فرصة منع محلات القرطاسية من طباعة وتصوير البراشيم إلى فكرة تقديم خدمة اعداد البراشيم للطلاب بشكل سريع وبأسعار متنوعة, فالبرشام ذو الوجهين يختلف سعره عن البرشام ذو الوجه الواحد, والبرشام المكتوب على ورقة المناديل يكون سعره الأغلى بين أنواع البراشيم.

ومن المواقف الطريفة التي مرت علي أثناء تأدية امتحانات الثانوية العامة, أن أحد الزملاء كان محترفا ومهووساً في استخدام البراشيم, حتى أنه يستحيل أن يؤدي اختباراً بدون أن يؤمن نفسه بمجموعة براشيم يستخدمها حين تضيق به الأسئلة ضرعاً.
وذات يوم وقع صديقي هذا في قبضة أحد المعلمين, فهم به لكي يأخذ البرشامة, فماكان من صاحبنا الا أن إلتهم البرشام إلتهاماً سريعاً قبل أن يخطفه المعلم من يده.
أخرج المعلم صديقنا من قاعة الاختبار لإيقاع محضر غش عليه, ولكن لم يجد المعلم دليلاً واضحاً يُدين به صاحبنا, فانتهى الموضوع بأن حرر له محضر غش لتخويفه ومنعه من إكمال الإختبار. وفي النهاية نجح صاحبنا ولم يمت بسبب بلعه للبرشام.

نلتقي في الغد باذن الله , في اليوم ما قبل الأخير في الاختبارات.
 أستودعكم الله الذي لاتضيع ودائعه.
3 - يونيو - 2014 

الأحد، 1 يونيو 2014

الأسبوع الثاني: مقابلة زيدان.



اليوم هو أول أيام الاسبوع الثاني من الاختبارات، وسيكون هناك اختبار واحد لكل المراحل، ماعدا صف ثاني ثانوي، فهناك مادتين سيمتحن فيها الطلاب، لذلك سيكون وقت الخروج في الحادية عشر والنصف.
الفترة الأولى بدأت كما هو معتاد عند السابعة والربع، مع حضور متأخر لبعض الطلاب لقاعات الفصول، وهذه طبيعة طالب المرحلة الثانوية، تجده يتسحب لقاعة الاختبار ويُدفع لها دفعاً، وليس كلهم سواء، فالبعض يتردد في الدخول لقاعة الاختبار خوفا وحرصا على مراجعة جميع صفحات الكتاب قبل الدخول، والبعض لم ينظر حتى لجدول الاختبار الا عند الصباح، وهذا النوع يتأخر لعدم تقبله للمدرسة من الأساس، فهو يعتبرها سجن كبير ومكان سيء للغاية. 
لم يكن هناك حدث مهم داخل قاعة الاختبار, سوى تصرف أحد طلاب الأول ثانوي, حيث مارس دور الطالب الغثيث, وأزعج زميلي المراقب, والذي كان حليما جدا, حتى انفجر, وقام باستدعاء المراقب صاحب الوجه اللامبتسم, فقام بدوره تجاه الطالب وسجل عليه محضر ازعاج وقلة أدب في قاعة الاختبار, وهذا الإجراء يتخذ بهدف أن هناك اجراء فقط لاغير, والورقة نهايتها في مكان معروف.

الجميل في هذا الصباح هو مقابلة زيدان، وزيدان هذا ليس لاعب كرة القدم الشهير، بل هو صديق قديم، اسمه صالح زيدان, وكان يسكن بجواري سنوات العزوبية، مع أخ له يدعى فهد.
فهد هو الآخر معلم وترك أخوه صالح قبل سنوات, حيث نقل بناء على طلبه لمدرسة تقع في قريته وبجوار أهله, ليمارس هناك مهنة التعليم بكل هدوء وراحة، بينما أخوه صالح استمر في العمل بنفس المؤسسة التي أعمل بها, وذلك بحثاً عن الحوافز والسكن والمال.
سألت صالح عن فهد وكيف حاله ووضعه الوظيفي؟
أجاب بصريح العبارة " أحسن مني ومنك " وصالح يعني بعبارته هذه أنه أحسن في مهنته من حالنا, فلاهناك شيء يساوي المرونة في العمل والحرية.
أما أنا وأنت نعمل في بيئة متكاملة من كل شيء، ونفتقد للأسف للكثير من المرونة والأريحية, وخاصة في مهنة كالتعليم.

فالمؤسسة التي نعمل بها، لديها من الاستراتيجيات والشعارات لو وضع في كبرى الشركات لربما جن جنون موظفيها.
فتخيلوا استراتيجية تكون بهذه الصياغة  " استغلال أقصى طاقات المعلمين والمتعلمين في بيئة مناسبة " 
فكلمة استغلال مخيفة نوعا ما، وكلمة أقصى  فيها  من الطمع والبشع الكثير.
 كان من الواجب ترك قليلا من الطاقة للموظف ليعود بعد العمل لبيته وهو يملك بعضاً منها ليمارس بقية يومه بشكل طبيعي.
وهذا للأسف ما يتعرض له الكثير من الأخوة المعلمين فالغالبية يخرج من الدوام منهكاً فينام عند الظهيرة ولايصحوا الا مع غياب الشمس بسبب حالة التعب القصوى التي يعاني منها في العمل, وأتحدث هنا عن المخلص منهم داخل الحصة, والمطيع للإدارة بجميع ماتطلب, فهذا النوع تجده مثل النحلة داخل المدرسة. 
أمَا الذي قرر أن يكتفي بالاخلاص في الشرح, والضرب بعرض الحائط لماتطلبه الإدارة, فهذا أقل جهدا ولكن كان الله في عونه  في مواجهة الإدارة.
وبالطبع هناك نوع ثالث لاقيمة له, فلا أداء في الحصة ولا مراعاة للإدارة وهذا النوع خطر جداً, ولا أنصحكم بالاقتراب منه, ولكنه ولله الحمد قليل جدا.

الدوام بالنسبة للحياة هو جزء صغير من أمور كبيرة مليئة بالكثير من الالتزامات والمناسبات, بينما نحن للأسف استنسخنا أفكارا قد لاتناسب وضعنا الديني والاجتماعي, فأصبح الدوام هو الأصل وباقي الأمور فرع, فضحى  الكثير من الناس بأمور عديدة لم ينتبهوا لها الا بعد أن استلموا ورقة التقاعد ونهاية سنوات الخدمة.
هناك بعض المجالات التي كُتب على موظفيها العمل لفترة طويلة مثل الطب والأمن, وهؤلاء كان الله في عونهم.

وأذكر أن أحد الزملاء درس في العراق في عهد الرئيس صدام حسين، وأخبرنا بأن الدوام في جميع الدوائر الحكومية هناك يبدأ عند الساعة الثامنة وينتهي عند الساعة الثانية عشر، وكانت العراق وقتها متميزة ومتقدمة في جميع المجالات ومنها التعليم. 
لم يضر العراق قلة الوقت، ولكن التركيز هو أساس التعليم, وأساس العمل، أما حالة تسحيب الطلاب والمعلمين في أجواء حارة وطقس غير مناسب أكثر أيام السنة أمر غير مقبول أبداً، فالطالب لم يعد يستطيع التركيز بسبب كثرة المواد والاختبارات وطول وقت الدوام وأيضاً بسبب الروتين الممل داخل المدرسة، فهو حبيس طاولة وكرسي ويستمع طيلة اليوم لرتل من المعلومات المختلفة والواجبات المملة, حتى فقد الطالب قدرته على التركيز, وهذا ما تسبب في اخراج  الكثير من الأجيال المضروبة.

قد يقول قائل ان النظام المعمول به في بعض الدول الأوروبية هو اليوم الدراسي الطويل ويمتد للساعة الخامسة! 
أجيب بأن هذا الأمر صحيح, ولكن السؤال هنا:
هل الأجواء هي نفس الأجواء, وهل عدد ساعات النهار في أوروبا مثل عدد الساعات لدينا, والسؤال الأهم هل باستطاعتنا توفير مدارس بهذا الشكل, ان كان الجواب نعم فأنا والله على استعداد أن أنام في المدرسة.

شكرا لكم, ونلتقي في الغد باذن الله. أستودعكم الله.

صور لبعض المدارس:










السبت، 31 مايو 2014

نهاية الأسبوع الأول: مراقبة وسفر.



هذا اليوم هو خامس أيام الاختبارات، واخر أيام الاسبوع الأول، وسيأخذ بعده الطلاب راحة لمدة يومين.
سيكون في هذا اليوم اختبار واحد فقط لجميع المراحل، وهذا يعني أن الخروج سيكون مبكراً من المدرسة، وفكرة الذهاب لمدينة الرياض برفقة صديقي العزيز ياسر ستكون فكرة جيدة جداً.
بالنسبة للاختبارات وقاعات الملاحظة، فلم يكن هناك مايستدعي التوقف عنده، حيث مر الاختبار سريعاً مع بعض الأخطاء في أسئلة أحد المواد، والتي جعلت من صديقي العزيز مراقب اللجان يمارس رياضة المشي السريع طيلة وقت الاختبار، فالأخطاء تكررت في ثلاث فقرات في نفس المادة، وكان الأمر بالنسبة له مزعجاً.
أمر آخر هو زميلي  المراقب, فقد كان شاباً خلوقاً وملتزماً مع حدة شديدة في النظرات, حتى شعرت أنه يصلح بأن يكون على الثغور لا على قاعات الفصول!

الأمر الذي يستحق الحديث عنه، هو ماحدث ليلة ذلك اليوم، حيث كان يوماً صعب على اثنين من الأصدقاء، فقد قرر أحدهم ترك الشبك الحديدي " العزوبية " والدخول في القفص الذهبي " الزواج ". وهذا يعني أن ليلة صعبة ومؤلمة ستأتي على الاثنين،  فالسنوات الثلاث في سكن واحد لن تنتهي بسهولة، وهذا بالفعل ماحدث، حيث بقى كل شخص منهم في غرفته تلك الليلة حتى جاء  الصباح ليرحل كل شخص ويذهب في طريقه وحياته.
تذكرت حينها أحد المواقف المؤلمة  في حياتي، حين قررنا الرحيل عن منزلنا والانتقال لمنزل آخر في منطقة أخرى بعد حياة دامت 28 سنة تحت سقف ذلك المنزل وبجوار أقارب رائعون ولايتغيرون، وأهل وأحباب وأصدقاء ذلك الحي, وخليط من الذكريات الجميلة والحزينة. كل هذا كان مؤلماً مع لحظات توديع ذلك المنزل.
الحياة في حقيقة الأمر هي مابين بدايات ونهايات, وكل شيء هالك الا وجهه, سبحانه جَلّ علاه.
وحتى هذه الاختبارات دائماً ما أذكر الطلاب بأنها مدة قصيرة وتنتهي, وساعات المراقبة المزعجة  داخل قاعات الاختبار بالنسبة للمعلم ستمر بسرعة هي الأخرى وتنتهي. 
الثقافة التي دائما ما أتمنى أن أتحلى بها ونتحلى بها جميعاً, هي كيفية التعامل مع الأحداث المزعجة في حياتنا بنفس عالي وصبور, وكيف نحول بعض هذه الأحداث  إلى سيناريو جميل, حتى وان كانت أحداثاً ومواقفاً مزعجة وفيها من التعب والألم.
وهذا الأمر ذكره حبيبنا المصطفي محمد عليه الصلاة والسلام, حين لخصه في الحديث الشريف
فقال
عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ؛ إن أصابته سرّاء شكر ؛ فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرّاء صبر ؛ فكان خيراً له " 

حتى النهايات هي الأخرى عجيبة, فهي في حالات تكون جميلة مثل ما تكون عند انتهاء ارتباط الطلاب والمعلمين بقاعات الاختبار, بينما تكون في حالات مؤلمة وحزينة حين تكون ما بين أحباب وأصدقاء.

غدا باذن الله نكتب عن اليوم الأول في الاسبوع الثاني من الاختبارات, أستودعكم الله, ونلتقي على خير باذن الله.


29- مايو - 2014

الأربعاء، 28 مايو 2014

يوم رابع, انحدار مستوى الضيافة



اليوم هو رابع أيام الاختبارات، كان يوماً باردا في عز الصيف, لاقهوة لا افطار، ولا حتى بسكوت أبو ولد.
حتى المركز الترفيهي الجميل في هذه المدرسة, والذي يحتوي على الكوفي شوب للأسف كان مغلق. 
نعود لقاعات الاختبار، ونترك موضوع الضيافة جانباً.. بدأ اختبار الفترة الأولى برفقة أحد المعلمين من مدينة القطيف، والذي دخل القاعة مبتسما ويحمل بيده كأسا تفوح منه رائحة القهوة الجميلة.
وفي الحقيقة الرجل صاحب روح مرحة ومحترم في تعامله لحد كبير, وفي الفترة الثانية أخذ النقاش بيننا يطول في بعض الأمور سأخبرك عنها فيما بعد.

بعد مرور دقيقتين على بدء الاختبار تفاجأت بطالبين يتحدثان إلى بعض وكأنهم يجلسون في مطعم أو كوفي شوب, آه يا الكوفي شوب.
استمروا بالحديث وأنا أنظر إليهم وكأن مايفعلونه أمر طبيعي. اقتربت منهم وأرسلت إليهم نظرات حادة مليئة بالاستغراب والتعجب, فرد علي أحدهم بأن زميله في مرحلة أخرى واختباره يختلف عنه, قلت وهل يعني ذلك أن يكون لك الحق في تحويل قاعة الاختبار إلى كوفي شوب, آه يا الكوفي شوب !
فرد لا يا أستاذ ولكن سألته عن موضوع خارج المدرسة. تجاهلت الأمر بعد أن التزموا الصمت, واعترفوا بخطأهم.
مر نصف الزمن المحدد للاختبار, وسلم جميع الطلاب أوراق الاجابة, وانتهت بذلك الفترة الأولى.

 خرجت من القاعة متجها لغرفة الضيافة, وهناك للأسف لم أجد سوى كأسات ورق مع الكافي والشاي, أما الافطار فعليك بالانتظار, وعسى أن يكون الفرج قريباً.

انتظرت مع الأخوة الزملاء وجبة الافطار والضيافة التي تقدمها ادارة المدرسة بعد نهاية الفترة الأولى للمعلمين من المدارس الأخرى.
وحتى لايذهب بعضكم بخياله بعيداً, ويعتقد بأن الضيافة بوفيه مفتوح من أحد الفنادق, بل هي مزيج من الساندويشات المتنوعة, فقط لاغير.
للأسف لم يصل شيء من تلك الساندويشات أبداً, ولانعلم هل نخرج لأقرب مطعم, أو ننتظر ضيافة المدرسة.
مرت الدقائق وانتهى الوقت المحدد بين الفترتين, وللأسف لا نحن الذي صام, ولانحن الذي أفطر.

عدنا للقاعات لبدء الفترة الثانية, والتي بدأت بتواجد مرحلة واحدة فقط, وهي الأول ثانوي.

في الفترة الثانية مر الوقت سريعاً, تخلله نقاش مطول بيني وبين زميلي المراقب, والذي بدأ بالحديث عن مدينة القطيف ومنطقة تاروت التاريخية, وأخذت بين الفينة والأخرى أسأله ويجيبني عن بعض الأسرار والمزايا في هذه المنطقة.

استمر الحديث طيلة الفترة الثانية حتى أننا حولنا القاعة إلى كوفي شوب, آه يا الكوفي شوب! 

تحدث زميلي بشغف وحب عن منطقة تاروت حتى أبديت  اعجابي بالمنطقة, مما دعاه أن يقدم لي دعوة لزيارة المنطقة بأقرب وقت.
قبلت دعوته شكلاً, ولم أقبلها منطقاً, فأنا لا أستطيع زيارة منطقة القطيف وتاروت, لأنني مطلوب هناك في قضية سابقة, وهي سرقة بسكوت أبو ولد من أحد المحلات التجارية.

انتهت الفترة الثانية, وسلم الطلاب أوراق الإجابة بعد انتهاء نصف الوقت, خرجت بعدها لأقرب كوفي شوب.
وانتهي بذلك اليوم الرابع من الاختبارات. أستودعكم الله, ونلتقي في الغد باذن الله ان كان للحديث قيمة.

29 - مايو - 2014 

الثلاثاء، 27 مايو 2014

يوم ثالث اختبارات، راحت نومه.



كعادة صاحبكم، فلابد أن يأتي يوم ويتخلله بعض الغفوة ونسيان الدوام، حتى يأتي اتصال من ادارة المدرسة ليتحدثون إلي بصوت عالي: يا أستاذ وينك، عسى ماشر؟ فيرد صاحبكم، خلاص جاي بالطريق, وهذه تعني أنهم يحتاجون أكثر من نصف ساعة حتى أصل إليهم.
ولا أعلم ربما أن حديثي بالأمس عن انهيار الطلاب وحالة النوم التي أصابتهم أثناء الفترة الثانية, تخلله بعض السخرية المبطنة من قبلي, فعاقبني ربي بأن أُصبت بنفس المشكلة هذا اليوم.
الزمن في مهنة التعليم نكبة كبيرة على بعض المعلمين، وربما أنا منهم، وأكثر المتضررين من هذه الخاصية, فالزمن في التعليم هو كل شيء، فالحصة مرتبطة بوقت والاختبارات تبدأ بوقت محدد ولاتقبل التأجيل. لذلك عانيت كثيراً في سنوات عملي من هذا الأمر، خصوصاً مع زيادة حالات النوم العميق مع القليل من صلصة "البلادة, واللامبالاة" والتي  بدأت تنتابني كثيراً في السنوات الأخيرة، وهذا يعني أنني أمر بمنعطف خطير في السلم الوظيفي، ومنعطف جميل في صحتي ونفسيتي.

ذهبت للمدرسة بعد ان أيقظني أحد وكلاء المدرسة، وهو لحسن الحظ زميل سابق، ويعرف قصتي مع التأخر، وهو على يقين وثقة تامة بأنني لابد أن أُسقيهم من كأس التأخر الجميل، حتى وان كانت مدة عملي معهم ستستمر أسبوعين فقط.

وصلت للمدرسة بعد مرور نصف ساعة على بدء الاختبار، وقعت على ورقة اللجان عند مدخل المدرسة، وسجلت حضوري وبعدها ذهبت بخف حنين للقاعة، ولسان حالي يقول اللهم سلم سلم.
دخلت للقاعة ولم أجد الا مراقب واحد، سلمت عليه واعتذرت عن تأخري، واستغربت أن مراقب اللجان لم يسعفه بمعلم آخر. كان أمر تأخري طبيعي بالنسبة لديه، وهذا ما أخبرني به بعد انتهاء الاختبار، لكن ادارة المدرسة هي التي انزعجت قليلاً من تأخري, والسبب أن مدير التعليم مصادفة حضر للمدرسة هذا اليوم، ودخل القاعة ليلقي السلام، فاستغرب وجوده وحده في القاعة، فقام بتسجيل رقم القاعة، وكأنه يوحي لنا بأن الأمر خطير جداً.

مر الوقت سريعا, بل لم يكن هناك وقت أساسا, حيث كانت مدة مراقبتي ساعة واحده فقط.

المادة كانت لغة انجليزية ومادة احياء ومادة أخرى لم أنتبه ماهي.

قمت بمساعدة طالب من القسم الشرعي في سؤال واحد في مادة اللغة الانجليزية, حيث أوضحت له ماهو المطلوب من السؤال, بعد أن اتضح لي أن ثقافته فرنسية, وليس له أي علاقة باللغة الانجليزية لامن قريب ولامن بعيد.

سلم الطلاب الأوراق, وخرجت من القاعة وبذلك انتهى اليوم الثالث الذي مر سريعا ولله الحمد.

نلتقي غدا باذن الله ان كان للحديث قيمة,, أستودعكم الله.

28 - مايو - 2014

الاثنين، 26 مايو 2014

يوم ثاني اختبارات، انهيار تام.


اليوم هو ثاني أيام الاختبارات...  دخلت المدرسة, وذهبت للقاعة , بعد أن تجولت بشكل سريع في أرجاء المدرسة الكبيرة.

عند باب القاعة أخذت في تفحص أسماء الطلاب, والمواد التي سيختبرونها هذا اليوم, ريثما يأتي الطلاب. دقائق واذ بالطلاب يتوافدون على قاعات الاختبار, وهذا زميلي المرافق معي في القاعة يأتي ويلقي بالسلام, شخص لا أعرفه ولم يسبق أن التقيته, ومن النظرة الأولى استشعرت من ملامح وجهه بأنه صغير و حديث عهد بالتعليم, فخشيت أن يكون سيناريو المراقبة لهذا اليوم مزعج, والحمد لله لم يحدث ما خشيت, فشخصيته مع أنها  لم تكن بتلك الصرامة, لكنها كانت متزنة وغير ضعيفة.

الاختبار الأول مدته ساعتين, وأنهى غالبية الطلاب الاختبار في نصف الوقت, ماعدا ثلاثة طلاب من الصف الثالث ثانوي, وهؤلاء يريدون مني أنا وزميلي مساعدتهم في بعض الفقرات.

تجاهلتهم بحكم أن تخصصي بعيد كل البعد عن مادة الاختبار, ولكن اصرارهم المزعج ونيتهم المبطنة في البقاء حتى نهاية الوقت, متمثلين بدور الطالب المعروف " مصطفي " جعلني ألجأ لمراقب اللجان, والذي كان زميل وصديق عزيز جدا, فطلبت منه بحكم تخصصه في اللغة العربية, أن يساعد هؤلاء الطلاب باحدى الفقرات التي وقفوا عندها.

وبالفعل جاء صاحبي, ومصادفة جاء من بعده معلم آخر, فتولوا المهمة, فأوضحوا للطلاب شفرة هذه الفقرة, وبعدها خرجوا من القاعة, وشكرتهم شكرا حارا على تخليصهم لنا من مجموعة مصطفى هؤلاء. خرج الطلاب بعدها مباشرة وانتهت بذلك الفترة الأولى.

الفترة الثانية بدأت عند الساعة التاسعة وخمسة وأربعون دقيقة, وكان الاختبار في أحد مواد الدين.

بعد مرور عشرة دقائق كانت الصدمة, فقد أنهى أغلب الطلاب الاختبار, ووضعوا رؤوسهم على الطاولات في حالة انهيار تام, وكأن لسان حالهم يقول, الرياضيات ماقصرت بالأمس.
إلا أحدهم كان نشيط جدا ويوزع الابتسامات على الجميع, فتوقعت أنه جمع بين الانضباط في النوم, وبين التفوق, فألقيت نظرة خاطفة على ورقة اجابته, فتبين لي بعدها أن ليس لديه حتى جدول الاختبارات. 

بعد مرور منتصف الوقت, حُق لمن أراد الخروج أن يسلم ورقته ويخرج, فخرجوا جميع الطلاب ماعدا مجموعة مصطفى التي تريد الدرجة الكاملة, لكن هذه المرة انتقمت منهم, فأقفلت الباب, ومنعت من دخول أي معلم لمساعدتهم, ووضحت لهم بغضب أن المساعدة المتكررة تعتبر غش, فقام بعدها أحد الطلاب بتسليم ورقته, وقام الآخر أيضا, بعد أن فقدوا أمل المساعدة, وبقي واحد أصر على أن أساعده في اكمال أحد الآيات, معللاً أنها ستفيده في حل الفقرة التي توقف عندها, أكملت له الآية بعد أن أخذت عليه عهدا أنه سينهي حل الفقرة والاختبار لو ساعدته في ماطلب, فكان عند وعده وقام بحل الفقرة, وسلم ورقته, وخرجنا من القاعة, وذهب يسير معي يوضح لي أهدافه وخطته مابعد المرحلة الثانوية, وأنه يريد دراسة الطب, دعوت له بالتوفيق والسداد.

خرجت من المدرسة وأنهينا بذلك ثاني أيام الاختبارات.
 نلتقي غدا باذن الله ان كان للحديث معنى.... دمتم بخير.

27- مايو - 2014

الأحد، 25 مايو 2014

يوم أول اختبارات, معلم ابتدائي في ثانوية.






دخلنا المدرسة عند الساعة السادسة وأربعون دقيقة, توجهنا للاستقبال لتوقيع الحضور, بعدها أرشدونا للتوجه لغرفة الضيافة والتي لاتحمل من مواصفات الضيافة الا اسمها, وهي غرفة يتم تخصيصها للمعلمين من المدارس الأخرى الذين يحضروا للمراقبة والملاحظة فترة الاختبارات, وغالبا تستمر مدتها لاسبوعين.
انتظرنا عشر دقائق في غرفة الضيافة, ثم طُلب منّا التوجه لقاعات الاختبار حيث سيتم بدء توزيع أوراق الأسئلة عند الساعة السابعة والربع.
قاعات الاختبار هي بالأساس الفصول الدراسية التي يدرس بها الطلاب, وتكون أيام الاختبارات خليط مابين جميع المراحل الثلاث, حتى تكون مسألة الغش ضعيفة, وتنحصر على مهارات الطالب في استخدام البراشيم, ومدى فهاوة المراقبين وانشغالهم عنه.
وصلت القاعة وإذ بها أحد الزملاء السابقين, ممن تشرفت بالعمل معهم قبل سنوات, وكان صاحب خلق رفيع وأدب. وسيكون رفيقي أثناء المراقبة.
جرت العادة أن يكون المراقب الآخر في القاعة من نفس المدرسة, حتى يكون هناك عنصر قوة يتمكن من ضبط الطلاب في القاعة. 

أما اذا كان المعلم الذي من نفس المدرسة ضعيف الشخصية وتاريخه مع الطلاب غير جيد, ففي هذه اللحظة أنت على موعد مع مسرحية قصيرة تحتوي على بعض المشاهد المزعجة في قاعة الاختبار. 

بدأ الطلاب يدخلون القاعة, وينظرون إلي بنظرات مختلفة, ولسان حال بعظهم يقول: "يبدو أن هذا المعلم نذل " وآخر لسان حاله يقول: " هذا المعلم فرصة ثمينة للغش "  وآخر جاء للاختبار سهران يريد أن يكتب اسمه ويقوم بحل أسئلة الاختيارات والصح والخطأ بشكل عشوائي, و يخرج من قاعة الاختبار بأسرع وقت, ودوره في القاعة ينحصر بسؤال المعلم بين الفينة والأخرى: 
"يا أستاذ كم باقي من الوقت؟ "  وهذا لايعير أي اهتمام لشكل المراقب، ولايمثل لدي أي مشكلة.

بدأنا  توزيع الأسئلة وبدأ الاختبار، مضت الساعة الأولى بطيئة, قضيتها في المشي من الحائط للحائط الآخر, وبين التسبيح والتهليل, والنظر إلى أسماء الطلاب وأشكالهم.

دخلنا في الساعة الثانية, وبدأ الوقت يمر بشكل أسرع, الركبة بدأت تؤلمني حيث أننا مقبلين على الساعة الثالثة, ونهاية منتصف الوقت بدأ, وحان وقت السماح للطلاب في الخروج من القاعة لمن أنهى الاختبار ولمن لم ينهي اختباره, فهناك كما ذكرت من جاء ليكتب اسمه فقط.

الحمد لله الحظ كان جيدا, أنهى جميع الطلاب الاختبار في ساعتين, ولم يستخدم أحداً منهم حقه في الساعة الثالثة.

لم يكن هناك مايعكر الجو, سوى لقطة ختام قام بها أحد الطلاب بعد أن سلم ورقة اجابته, وقام بأداء رقصة الهيب هوب باتجاه أحد زملائه في اخر القاعة, وكأنه يشير له بأنه انتصر, وحقق فوزا عظيما.

للأسف أن الطالب قام بتنفيذ الحركة  أمام عيناي وشعرت حينها أنه لم يعيرني أي اهتمام.
أوقفت الطالب وطالبته بالعودة إلى طاولته, فجاوبني بالامتناع والرفض بحجة أنه قام بتسليم الورقة.
أمرته بالعودة لمكانه, أو أن ورقته ستكون في مكان اخر.
استجاب الطالب لعملية التهديد التي وجهتها إليه, وعاد لطاولته, وحينها ذهبت إليه ومارست معه دور الأب الحنون, والخائف على مستقبله, ودور المعلم الخائف على سيارته, ونصحته بأن هذا التصرف في قاعة الاختبار حماقة كبيرة لاتغتفر.
تجاوب الطالب معي واعترف بخطأه، وتم التجاوز عن مافعل وغادر القاعة بخفي حنين.

خرجنا من القاعة وتوجهنا لقاعة الضيافة الأخرى, فكانت مكان رائع للاسترخاء بخلاف الغرفة التي تم استقالبنا فيها.
كانت بحق مكان جميل للاسترخاء وتناول الافطار، والذي قدمته ادارة المدرسة للمعلمين, حيث تكون فرصة المعلمين في الخروج من المدرسة وتناول الافطار صعبة وذلك لضيق الوقت, فهناك فترة ثانية ستبدأ بعد نصف ساعة, ومن عادة المعلمين أنهم يستغرقون وقت طويل لتناول الافطار خاصة اذا اكان خارج المدرسة.
بدأنا الفترة الثانية وكان الجو أكثر هدوءً,  فاختبار الفترة الثانية في العادة يكون أقل صعوبة من اختبار الفترة الأولى, وأقل في المدة الزمنية, فخمسة وأربعون دقيقة كافية لأن يُنهي الطالب حل الاختبار, وهذا ماحدث بالفعل.

انتهى بذلك اليوم الأول, شكرا لكم, وفي الغد نُكمل.... نستودعكم الله.




العيد 1445 هـ

كل عام وأنتم بخير .... يعود العيد في كل عام ... وفي كل عام تختلف الأجواء ...  في هذا العيد كانت الأجواء ماطرة وجميلة .. وكل شيئ كان رائعاً. ...