الجمعة، 20 يونيو 2014

طابور دانكن.



حين تذهب في الصباح الباكر إلى أكثر المقاهي اقبالاً في الآونة الأخيرة، تجد نفسك أمام طابور من الخليط المتنوع من البشر، الفقير والغني، النحيل والسمين، الفاضي والمستعجل، جميعهم توجهوا لهذه القهوة الشهيرة، والتي تسمى دانكن دونات.

دانكن دونات ليست وليدة العشر سنوات الماضية بل هي علامة قديمة بدأت عام ١٩٥٠ ميلادي بالولايات المتحدة وأسسها وليام روزنبوق، والآن أصبحت ملكيتها لمجموعة ألمانية.
كانت اهتمامات دانكن في بداية الأمر تصب في المعجنات والفطائر ثم اتجهت لصناعة القهوة فيما بعد.
تخدم دانكن أكثر من ٢،٥ مليون زبون يومياً، ودخل سنوي يفوق الخمسة مليار دولار. 

وفقا لمصادر الانترنت، توجد دانكن في ٦ دول عربية فقط، هي السعودية والبحرين وقطر والامارات والكويت ولبنان.

السؤال الذي يهمنا الآن, ما الداعي وراء هذا الاصطفاف والانتظار منذو الصباح الباكر لاحتساء هذه القهوة.

بعد مرور أكثر من عشر سنوات على ترددي لهذه القهوة، اكتشفت عدة أسباب لذلك، وربما أن غالبيتكم لديه أسبابه الأخرى:

أولاً: عملت دانكن دونات على استهداف الطبقة الأكثر انتشاراً بين الشعوب، وهي طبقة متوسطي الدخل ومادونها، وذلك من خلال أسعار معقولة جداً، سعر كوب القهوة لايزيد عن ٢ دولار.
ثانياً: اتاحة موارد المحل تحت تصرف الزبون، حتى شعر البعض أن دانكن دونات هو جزء من حياته، وصار يدافع عنه حين يهاجم.  
ثالثاً: التركيز على جودة القهوة ومقدارها بشكل منضبط.
رابعاً: السهولة في تقديم القهوة وسرعتها.
 خامساً: عدم الاهتمام بشكل كبير في الحالة العامة للمحل، فتلاحظ طاولات رخيصة وبسيطة من ايكيا، ومقاعد الجلوس البعض منها أصبح متهالك، ومع ذلك الكل مستمتع بالجلوس.

سادساً: مرحلة ماقبل منع التدخين وبعدها بفروع دانكن في السعودية.
تصرفت دانكن بشكل غريب مع قرارات منع التدخين في السنوات الماضية داخل المحل، حيث كانت معظم المحلات تدفع بشكل يومي للحكومة السعودية مخالفة السماح للمدخنين بالتدخين داخل المحل، مقابل الإبقاء على الزبائن داخل المحل وعدم مضايقتهم،  والواضح أن الهدف وراء ذلك ليس تضحية منها لأجل عملائها، بل لأن قيمة دفع المخالفة أقل بكثير من دخل عشرة أشخاص يقومون بالتدخين داخل المحل. ومع ذلك أرى أن في تصرفها هذا تضحية لعملائها المدمنين.

سمعت بزبائن يعشقون محلات للقهوة لكن لم أسمع من قبل بأن محل قهوة يعشق زبائنه لهذا الحد! 

مرحلة مابعد التدخين: 
توقع الكثير انخفاض الاقبال على دانكن بعد تشديد الرقابة عليه ومنع التدخين داخل أورقته, ولكن المفاجيء هو استمرار الزبائن بالتدفق بشكل مستمر، فطعم القهوة في دانكن يصعب الاستغناء عنه. 


جمعة مباركة، نستودعكم الله. 

الجمعة، 13 يونيو 2014

مع قهوة الصباح



جرت العادة في الأيام الأخيرة من دوام المعلمين أن أعكف على السهر، فيأتي الصباح، ويحين وقت صلاة الفجر.
أذهب لتأدية الصلاة، وبعدها أتوجه إلى البوفيّه ( مطعم صغير ) قريب من المسجد، وهناك صديقنا أحمد يبدأ بتجهيز الافطار مبكراً، ويبدأ بعدها بدقائق باستقبال الأخوة العسكر، حيث موعد الدوام لديهم مبكراً.
هذه الإفاقة المبكرة لغالبية العسكر لاتمثل لهم ازعاجاً كبيراً، فالمقابل مغري جداً، حيث موعد الخروج من العمل قبل صلاة الظهر.
وأنا أتناول الإفطار على الطاولة، أنظر إلى تلك الحالة التي يعيشها العسكر من ضغوط نفسية تحسباً لوقوع أي مشكلة سياسية أو حدوث حرب لاسمح الله، أو من أوامر تعسفية داخل العمل.
وأستعيد الذاكرة للوراء، فأتذكر تقديمي على الكليات العسكرية لنيل شرف الخدمة، وكم في تلك الأحداث من دراما محزنة وأخرى مضحكة.
الانتظار على الأرصفة من منتصف الليل، ثم الهجوم في الصباح الباكر على أبواب الكليات، وكأننا مجموعة من المجانين خرجوا من السجن.
مسرحيات وحكايات انتهت برفضي وطردي خارج الكليات العسكرية بسبب مجموعة من الألوان لا أستطيع التعرف عليها بشكل دقيق، وكأن هتلر أدى هذا الاختبار قبل دخوله للمجال العسكري!
عدت للجامعات وكليات المعلمين، فهناك الأماكن الهادئة مقارنة بضجيج العسكر.
قبلت في كلية العلوم، واخترت تخصص الفيزياء، وقبلت في كلية المعلمين تخصص الحاسب الآلي، فآثرت المعلمين بسبب قربها من منزلنا أولاً، وثانياً بسبب التوظيف المباشر بعد التخرج وان كان الراتب قليل جداً.
فالمعلمين في الدول العربية لايشكلون خوفا للحكومات، فلايوجد هناك داعي لرفع رواتبهم وتحسين معيشتهم.
السنة الأولى في كلية المعلمين مرت كئيبة ومزعجة حيث قاعات الدراسة متهالكة وبدون تكييف ومليئة بالأتربة، عوضاً عن عدم تقبلي لفكرة أن أكون معلماً.
السنوات الثلاث الأخيرة تحسن الأمر قليلاً وبدأ صاحبكم يتقبل الأمر شيئاً فشيئاً، واقتنعت بأن هذا هو قدري، والان أكملت اثني عشر عاما في التعليم، ولم تعد هذه المهنة تشكل كابوساً خطيراً، أو مقلقا بشكل كبير. ربما أتوجه لعمل آخر في السنوات القادمة ان كان يناسب الطموحات وأستطيع من خلاله أن أمارس  التخصص الذي بدأت أميل إليه في السنوات الأخيرة, وهو برمجة مواقع الانترنت.
 نلتقي بكم باذن الله يوم الجمعة القادم، أستودعكم الله.
١٣ - يونيو ٢٠١٤  

الأربعاء، 4 يونيو 2014

اليوم الأخير: أبو شنب



اليوم هو آخر أيام الاختبارات، وسيختبر الطلاب مادة واحدة، وبعدها تنتهي رحلتنا الجميلة معكم،
اليوم كان يوماً جميلاً في كل شيء، بدءاً من الزميل المراقب، والذي مصادفة كان صديقي زيدان وهو من أخبرتكم عنه قبل أيام، ومن ثم الطالب أبو شنب الذي وصل متأخرا لقاعة الاختبار، والذي كان أصلع الرأس ونحيل الجسم ولديه عينان توحي لك بحس اجرامي.
بدأ الاختبار والذي كان في مادة الأدب للأول والثاني ثانوي، ومادة التوحيد للثالث ثانوي.
كل المسارات هادئة وتؤدي الاختبار بشكل جيد ماعدا مسار الثالث شرعي، حيث افتتحوا الاختبار بطلب الرزق مبكراً، ومزاولة نشاط الغش في قاعة الاختبار، وهذا يعني أنني وزميلي المراقب سنعيش معاناة كبيرة مع فئة يغلب عليها تدني المستوى الدراسي الا من رحم ربك.
المسار يحتوي على خمس طلاب بشكل عمودي. الطالب الثاني بدأ يوزع ورقته على أطراف الطاولة، كي يوحي لمن خلفه وأمامه أنه رجل كريم وسيقدم لهم التضحية في سبيل رفع درجاتهم ضارباً بعرض الحائط شخصي الكريم وزميلي زيدان.
مررت بجانبه ودفعت بورقته ووضعتها أمامه لعله يفهم أنني أعرف هذه الخطط والألاعيب. لمحت بعدها زيدان واذ بتعابير وجهه تشير إلى الأسى والحظ السيء الذي أوقعنا في هذه اللجنة.
أبو شنب هو الآخر بدأ يمارس نفس اللعبة, وأصبح يقلب عينيه بسرعة بين ورقته والورقة التي أمامه.
عاد الطالب الثاني والمدبر الكبير يكرر تصرفاته المريبة, وبدأ بوضع قدمه على كرسي الطالب الذي أمامه, ويعيدها ويكررها أكثر من مره. فهمت حينها أنها شفرة اتفق عليها مسبقاً مع زميله أبو شنب.

قام بتكرار الحركة أكثر من مرة لدرجة أن أغلب الطلاب بدأوا يلحظون تصرفاته, ذهبت إليه وطلبت منه أن يُبعد قدمه ويُحسن من جلسته, وقلت له بصوت خافت
" تراك زودتها " 
لم يقوم بأي ردة فعل واستجاب مباشرة لما طلبت منه.
أبو شنب عندما شاهد تصرفي باتجاه رئيس العصابة, تحول إلى شخص بريء, ووضع عينيه على ورقته, وكأنه شخص يحاول ويعاني في فقرة ما, وأنه يقوم بعصف ذهني بحثا عن الإجابة.

فجأة طلب مني أبو شنب أن أفسر له أحد الأسئلة, وتفاجأت أثناء نقاشي معه بأنه طالب ذكي ومتميز, فقلت له ماشاء الله عليك.. أنت فاهم وأفهم مني ,, فلماذا تسألني.
قال لأتأكد فقط.
مر نصف الوقت وبدأ الطلاب بتسليم أوراق اجاباتهم.
تأخر أبو شنب لمدة نصف ساعه ومعه اثنين من الطلاب أحدهم في الأول ثانوي والآخر في الصف الثاني ثانوي.
أشرت إلى زيدان صديقي بأن أبو شنب فاهم لكن للأسف يصر على أن يغش من الذي أمامه, فضحك زيدان وقال لا هذا هو الأفضل بينهم, هو يريد مساعدة المسكين الذي أمامه, ويقصد هنا رئيس العصابة والمدبر الكبير لعمليات وخطط الغش.
حينها أدركت أنني كنت على خطأ وأسأت الظن بقدرات أبو شنب, وهذا يأخذني إلى عدم الاستعجال والحكم بقدرات الناس من هيئتهم, وملبسهم.فالناس مخابر لامظاهر.
سلم أبو شنب ورقته وسلم بعده من بقي من الطلاب, وانتهت بذلك آخر اللحظات في قاعة الاختبارات.
شكرا لكم وشكرا للمدرسة وأعضائها الطيبين.
نلتقي باذن الله في اختبارات وأحداث أخرى في قادم الأيام.
 أستودعكم الله.

5 - يونيو - 2014 

الثلاثاء، 3 يونيو 2014

اليوم الثامن: مصطفى وأبوه وصديقهم في القاعة.


أن يكون مصطفى في قاعة الاختبار التي تراقب بها فتلك مصيبة، لكن أن يكون مصطفى وأباه وصديقه في القاعة  فالمصيبة هنا أعظم.
بدأ اختبار اليوم ولم أكن موجوداً في القاعة، فقد تأخرت عشر دقائق بسبب غفوة معتادة تأبى الا أن تنتابني في كل أسبوع، 
بعد مرور منتصف الوقت على اختبار الكيمياء، بدأ بعض طلاب الثالث ثانوي بالخروج من القاعة، بينما استمر البقية في اكمال الاختبار، وكان من بينهم السيد مصطفى.
زميلي المراقب في القاعة كان من نفس البلد الذي ينتمي اليه مصطفى، والرجل كان محترما ومؤدباً، وصاحب خلق رفيع.

بينما مصطفى يؤدي الاختبار، كان أحد الطلاب الآخرين يجلس في زاوية القاعة , وأخذ ينظر إلي من وقت لآخر وهو يوزع الابتسامات الجميلة، حتى أنني بدأت أتفقد شكلي واهتزت ثقتي بنفسي, فاقتربت منه لأعرف ماذا يريد, فنظر للورقة وقال " مافيه مساعدة "
وهنا ارتحت قليلا وأخذت أسترجع بعضا من أنفاسي, فموضوع الابتسامات ليس موضوع شخصي, فالرجل يريد العون والمساعدة فقط.
وهذه معلومة مهمة أنوه عليها زملائي أثناء المراقبة، فحين يحملق إليك طالبا بعينيه وهو مبتسما فهذا لايعني أنه يسخر من شكلك، بل هي نظرات براءة وضعف، يريد منها الطالب أن تفهم معاناته وتساعده باجابة أحد الأسئلة.
أخبرت الطالب بأنني لا أستطيع مساعدتك، فتخصصي ليس له علاقة بالكيمياء، رد علي بكل بجاحة " دبرني من هنا أو هناك"
ويقصد بهذه الجملة أن ألقي نظرة على ورقة طالب متفوق وأنظر لاجابته ثم أساعده في الحل, وهذه طريقة متعارف عليها في قاعات الاختبار منذو القدم, فحين يكون تخصص المعلم ليس له علاقة بالاختبار, ويرغب بمساعدة أحد الطلاب, فليس أمامه الا هذه الطريقة.
انسحبت عن هذا الطالب وبدأت أبتعد عن المسار الذي يجلس فيه, لأن وضعه مخيف, وربما يوقعني في حرج كبير.
الأخ مصطفى انتبه لما حدث بيني وبين زميله الطالب, فبدأ يستخدم نفس الطريقة معي ظنا منه أنني قمت بمساعدة زميله.
أخذ يرسل إلي نظرات التودد والعطف, ويكررها أكثر من مره, حتى اضطررت أنه أقترب منه ليكف عن هذا التصرف, فما أن اقتربت من طاولته حتى فاجأني بالمصافحة وسؤال سريع:  " ايه التخصص يا أستاذ ؟    "أجبته بسرعة مع سخرية " فيزياء نووية "
فرد علي: " أها  ليس لك علاقة بالكيمياء "  قلت ايه ليس لي علاقة لا من بعيد ولاقريب.
سكت مصطفى وأقفل الابتسامة المصطنعة، وعاد ينظر لورقته يفكر باجابة الفقرة التي توقف عندها.
لاحظت بعد دقائق بتردد أحد المعلمين على باب القاعة، ويأخذ بالتحدث إلى زميلي المراقب بصوت خافت، ثم يذهب ويعود مرة أخرى، حتى استغربت من تصرفه هذا, وكان ينظر الي بخجل واحترام فائق.
في الحقيقة لم يتبادر لذهني ولم أتخيل أن أب مصطفى هو من كان يتردد على الباب. كل هذا لأجل فقرة يا أبا مصطفى؟! 
اتقي الله يارجل، فهناك من الطلاب من لم يجيب على بعض الأسئلة وخرج وهو راضي عن نفسه وفرحاً بما قدم.
انزعج زميلي المراقب من تصرف أب مصطفى فنفذ طريقة ليتخلص منها من مصطفى وأبوه، فقام بوضع حد لما يحصل، فأخذ عهدا عليهم أن يساعدهم بشرط أن يبتعد الأب ويُنهي مصطفى الاختبار.
وبالفعل نجحت العملية، وانتهت بذلك تصرفات الأب الحنونة والغير مثالية, وذهب بعيداً عن القاعة.
بعد نصف ساعة تقريباً كان أغلب الطلاب قد انتهى من تسليم ورقة اجابته، وانتهت بذلك الفترة الأولى.
الفترة الثانية كانت لمرحلة واحدة فقط وكان الاختبار في أحد مواد الدين.
نعود لموضوع مصطفى وأبوه، ولماذا يحاول أغلب المصرييون الدارسين في المدارس السعودية بالحصول على نسبة ١٠٠٪ في الثانوية العامة.
بعد قرائتي على عجالة لبعض شروط القبول في الجامعات المصرية لشهادات الطلاب القادمين من السعودية، أيقنت بأن هؤلاء الطلاب وآبائهم يعيشون  معاناة كبيرة وصعوبة بالغة في الدخول في الجامعات المصرية. فالجامعات هناك تقوم بحذف مواد التربية الاسلامية والتفسير والتربية البدنية والوطنية والسلوك والمواظبة من مجموع درجات الطالب, ويحذف أيضا مجموع هذه الدرجات من علامات النهاية الكبرى. 
في الاونة الأخيرة وبعد تغير نظام النسبة العامة في السعودية وبعض الدول الأخرى, بدأت بعض الدول العربية تتشابه في كيفية احتساب النسبة العامة للمرحلة الثانوية، وأصبحت الأنظمة قريبة من بعض، لكن لازال الاختلاف في القيمة التي تفرزها هذه الدول، فالنسخة الأصلية لمصطفى تتكاثر في مصر والأردن، بينما يقل وجودها في دول الخليج .
دمتم بخير، ونلتقي غداً باذن الله في آخر أيام الاختبارات. 

4 - يونيو - 2014 

الاثنين، 2 يونيو 2014

اليوم السابع: " البراشيم "



أهلاً بكم.. اليوم هو سابع أيام الاختبارات وثاني أيام الأسبوع الثاني.
في هذا اليوم سيؤدي الطلاب امتحانين ماعدا طلاب الصف الثالث ثانوي, فسيكون لديهم مادة واحدة فقط.
بدأت الفترة الأولى برفقة معلم ملتزم ذو وجه مبتسم, حازم ودقيق الملاحظة على الطلاب,  ويجعل من المعلم الذي يرافقه متسكع بين الجدران, ووجوده مثل عدمه.
قبل بدء الاختبار حاول التأكيد على مسألة الغش أو حتى محاولة الغش, ونوه على مسألة الأوراق المتعلقة بالمادة واخراجها قبل بدء الاختبار, سواء كانت أوراقاً عادية أو حتى براشيم, حيث وجدنا أثناء دخولنا للقاعة بعض البراشيم ملقاة على الأرض.
 ماهي البراشيم؟
البراشيم ليست اسماً لكائن حي، ولا اسماً لقبيلة عربية.
بل هي أحد أشهر طرائق الغش على مر السنوات، ولها أنواع عديدة وطرق مختلفة.
يكثر انتشارها في أوقات الاختبارات، ويعشقها الطالب الكسول المغامر ويحافظ عليها ويهتم بها، بينما يصطادها مراقب اللجان صاحب التركيز العالي وشديد الملاحظة.
البراشيم طريقة عالمية للغش تستخدمها جميع شعوب العالم سواء دول العالم الأول أو العالم الثالث.
مرت البراشيم عبر الزمن بمراحل عدة, حتى تطورت وتغيرت وأصبحت أوضح وأجمل.
بداية البراشيم لم تكن سهلة, حيث كان الطالب يصنعها في أوقات حرجة قبل دخول قاعة الاختبار بدقائق, يكتبها على يده أو قدمه أو يستخدم سرواله للكتابة عليه, ثم تطور الأمر إلى أن أصبح يهتم بها بشدة ويحترمها ويعدها في الليلة التي تسبق الاختبار.
 في عصرنا الحاضر تطورت البراشيم وأصبحت تكتب في الحاسب الآلي, وتطبع بأشكال صغيرة وبخط واضح.
وعلى صفحات الموقع الشهير " wikiHow " عرض مجموعة من المستخدمين نظريات وطرق عديدة للغش بشكل احترافي, وتم تقسيم طرق الغش لطريقيتين رئيسيتين, الأولى الاستعانة بالزميل والشريك, والأخرى استخدام البراشيم والاعتماد على نفسك بشكل مباشر. سمح الموقع بعرض تجارب الآخرين وخبراتهم في هذا المجال, حتى أن البعض أدلى ببعض النصائح, مثل أن تكون البراشيم أصغر من حجم الكف, وأن يكتب بداخلها قوانين أوتواريخ أو تعاريف فقط.
وهناك أيضاً في الموقع صفحة أخرى تحدثت عن كيفية الغش باستخدام الوسائل والأدوات المدرسية، أو استخدام بعض الأدوات التي يُسمح بالدخول بها في قاعة الاختبار، مثل: الساعة والمناديل, وربطة العنق.
وفي الكويت عرضت مدونة جليب خبراً عن أغرب تجارة في الكويت, حيث قامت امرأة أطلقت على اسمها "أم برشامة" بفتح حساب لها بتويتر, وعرضت منتجاتها المتنوعة في البراشيم, حيث استغلت هذه المرأة فرصة منع محلات القرطاسية من طباعة وتصوير البراشيم إلى فكرة تقديم خدمة اعداد البراشيم للطلاب بشكل سريع وبأسعار متنوعة, فالبرشام ذو الوجهين يختلف سعره عن البرشام ذو الوجه الواحد, والبرشام المكتوب على ورقة المناديل يكون سعره الأغلى بين أنواع البراشيم.

ومن المواقف الطريفة التي مرت علي أثناء تأدية امتحانات الثانوية العامة, أن أحد الزملاء كان محترفا ومهووساً في استخدام البراشيم, حتى أنه يستحيل أن يؤدي اختباراً بدون أن يؤمن نفسه بمجموعة براشيم يستخدمها حين تضيق به الأسئلة ضرعاً.
وذات يوم وقع صديقي هذا في قبضة أحد المعلمين, فهم به لكي يأخذ البرشامة, فماكان من صاحبنا الا أن إلتهم البرشام إلتهاماً سريعاً قبل أن يخطفه المعلم من يده.
أخرج المعلم صديقنا من قاعة الاختبار لإيقاع محضر غش عليه, ولكن لم يجد المعلم دليلاً واضحاً يُدين به صاحبنا, فانتهى الموضوع بأن حرر له محضر غش لتخويفه ومنعه من إكمال الإختبار. وفي النهاية نجح صاحبنا ولم يمت بسبب بلعه للبرشام.

نلتقي في الغد باذن الله , في اليوم ما قبل الأخير في الاختبارات.
 أستودعكم الله الذي لاتضيع ودائعه.
3 - يونيو - 2014 

الأحد، 1 يونيو 2014

الأسبوع الثاني: مقابلة زيدان.



اليوم هو أول أيام الاسبوع الثاني من الاختبارات، وسيكون هناك اختبار واحد لكل المراحل، ماعدا صف ثاني ثانوي، فهناك مادتين سيمتحن فيها الطلاب، لذلك سيكون وقت الخروج في الحادية عشر والنصف.
الفترة الأولى بدأت كما هو معتاد عند السابعة والربع، مع حضور متأخر لبعض الطلاب لقاعات الفصول، وهذه طبيعة طالب المرحلة الثانوية، تجده يتسحب لقاعة الاختبار ويُدفع لها دفعاً، وليس كلهم سواء، فالبعض يتردد في الدخول لقاعة الاختبار خوفا وحرصا على مراجعة جميع صفحات الكتاب قبل الدخول، والبعض لم ينظر حتى لجدول الاختبار الا عند الصباح، وهذا النوع يتأخر لعدم تقبله للمدرسة من الأساس، فهو يعتبرها سجن كبير ومكان سيء للغاية. 
لم يكن هناك حدث مهم داخل قاعة الاختبار, سوى تصرف أحد طلاب الأول ثانوي, حيث مارس دور الطالب الغثيث, وأزعج زميلي المراقب, والذي كان حليما جدا, حتى انفجر, وقام باستدعاء المراقب صاحب الوجه اللامبتسم, فقام بدوره تجاه الطالب وسجل عليه محضر ازعاج وقلة أدب في قاعة الاختبار, وهذا الإجراء يتخذ بهدف أن هناك اجراء فقط لاغير, والورقة نهايتها في مكان معروف.

الجميل في هذا الصباح هو مقابلة زيدان، وزيدان هذا ليس لاعب كرة القدم الشهير، بل هو صديق قديم، اسمه صالح زيدان, وكان يسكن بجواري سنوات العزوبية، مع أخ له يدعى فهد.
فهد هو الآخر معلم وترك أخوه صالح قبل سنوات, حيث نقل بناء على طلبه لمدرسة تقع في قريته وبجوار أهله, ليمارس هناك مهنة التعليم بكل هدوء وراحة، بينما أخوه صالح استمر في العمل بنفس المؤسسة التي أعمل بها, وذلك بحثاً عن الحوافز والسكن والمال.
سألت صالح عن فهد وكيف حاله ووضعه الوظيفي؟
أجاب بصريح العبارة " أحسن مني ومنك " وصالح يعني بعبارته هذه أنه أحسن في مهنته من حالنا, فلاهناك شيء يساوي المرونة في العمل والحرية.
أما أنا وأنت نعمل في بيئة متكاملة من كل شيء، ونفتقد للأسف للكثير من المرونة والأريحية, وخاصة في مهنة كالتعليم.

فالمؤسسة التي نعمل بها، لديها من الاستراتيجيات والشعارات لو وضع في كبرى الشركات لربما جن جنون موظفيها.
فتخيلوا استراتيجية تكون بهذه الصياغة  " استغلال أقصى طاقات المعلمين والمتعلمين في بيئة مناسبة " 
فكلمة استغلال مخيفة نوعا ما، وكلمة أقصى  فيها  من الطمع والبشع الكثير.
 كان من الواجب ترك قليلا من الطاقة للموظف ليعود بعد العمل لبيته وهو يملك بعضاً منها ليمارس بقية يومه بشكل طبيعي.
وهذا للأسف ما يتعرض له الكثير من الأخوة المعلمين فالغالبية يخرج من الدوام منهكاً فينام عند الظهيرة ولايصحوا الا مع غياب الشمس بسبب حالة التعب القصوى التي يعاني منها في العمل, وأتحدث هنا عن المخلص منهم داخل الحصة, والمطيع للإدارة بجميع ماتطلب, فهذا النوع تجده مثل النحلة داخل المدرسة. 
أمَا الذي قرر أن يكتفي بالاخلاص في الشرح, والضرب بعرض الحائط لماتطلبه الإدارة, فهذا أقل جهدا ولكن كان الله في عونه  في مواجهة الإدارة.
وبالطبع هناك نوع ثالث لاقيمة له, فلا أداء في الحصة ولا مراعاة للإدارة وهذا النوع خطر جداً, ولا أنصحكم بالاقتراب منه, ولكنه ولله الحمد قليل جدا.

الدوام بالنسبة للحياة هو جزء صغير من أمور كبيرة مليئة بالكثير من الالتزامات والمناسبات, بينما نحن للأسف استنسخنا أفكارا قد لاتناسب وضعنا الديني والاجتماعي, فأصبح الدوام هو الأصل وباقي الأمور فرع, فضحى  الكثير من الناس بأمور عديدة لم ينتبهوا لها الا بعد أن استلموا ورقة التقاعد ونهاية سنوات الخدمة.
هناك بعض المجالات التي كُتب على موظفيها العمل لفترة طويلة مثل الطب والأمن, وهؤلاء كان الله في عونهم.

وأذكر أن أحد الزملاء درس في العراق في عهد الرئيس صدام حسين، وأخبرنا بأن الدوام في جميع الدوائر الحكومية هناك يبدأ عند الساعة الثامنة وينتهي عند الساعة الثانية عشر، وكانت العراق وقتها متميزة ومتقدمة في جميع المجالات ومنها التعليم. 
لم يضر العراق قلة الوقت، ولكن التركيز هو أساس التعليم, وأساس العمل، أما حالة تسحيب الطلاب والمعلمين في أجواء حارة وطقس غير مناسب أكثر أيام السنة أمر غير مقبول أبداً، فالطالب لم يعد يستطيع التركيز بسبب كثرة المواد والاختبارات وطول وقت الدوام وأيضاً بسبب الروتين الممل داخل المدرسة، فهو حبيس طاولة وكرسي ويستمع طيلة اليوم لرتل من المعلومات المختلفة والواجبات المملة, حتى فقد الطالب قدرته على التركيز, وهذا ما تسبب في اخراج  الكثير من الأجيال المضروبة.

قد يقول قائل ان النظام المعمول به في بعض الدول الأوروبية هو اليوم الدراسي الطويل ويمتد للساعة الخامسة! 
أجيب بأن هذا الأمر صحيح, ولكن السؤال هنا:
هل الأجواء هي نفس الأجواء, وهل عدد ساعات النهار في أوروبا مثل عدد الساعات لدينا, والسؤال الأهم هل باستطاعتنا توفير مدارس بهذا الشكل, ان كان الجواب نعم فأنا والله على استعداد أن أنام في المدرسة.

شكرا لكم, ونلتقي في الغد باذن الله. أستودعكم الله.

صور لبعض المدارس:










العيد 1445 هـ

كل عام وأنتم بخير .... يعود العيد في كل عام ... وفي كل عام تختلف الأجواء ...  في هذا العيد كانت الأجواء ماطرة وجميلة .. وكل شيئ كان رائعاً. ...