الجمعة، 23 أكتوبر 2015

الإمام الهندي

في يوم الجمعة الماضي وعند الساعة العاشرة صباحاً، اتصل بي صديقي ياسر الغامدي ليخبرني بأن سيارته التي ليس لها مثيل قد تعطلت ويحتاجني لإنقاذه.

حين وصلت إليه تفاجأت بأن مجموعة من الشباب سبقوني وتكفلوا بشحن بطارية السيارة من خلال سيارتهم بالطريقة التقليدية المعتادة عبر وصل أسلاك الموجب والسالب بين البطاريتين.
بعد ذلك أخذنا السيارة إلى المنطقة الصناعية، وحين وصلنا هناك وضعنا السيارة أمام أحد المحلات المتخصصة ببيع البطاريات، والذي أرشدنا إليه الأخوة الذين قدموا لياسر المساعدة.
هذا المحل يختلف عن الكثير من المحلات المتخصصة ببيع البطاريات، فهو يشتري البطارية الفارغة بقيمة 25 ريال، بينما الكثير من المحلات يأخذها بلا مقابل، ويستغفل الزبون لجهله في هذ الأمر.
المحل كان مغلق لأداء الصلاة، فقمنا بالبحث عن مسجد للجمعة في تلك المنطقة، فوجدنا مسجد مليىء بالأخوة الهنود والباكستانيين ودول شرق آسيا.
وحين اقتربنا منه بدأنا  نسمع صوت الإمام وهو يخطب باللغة الهندية وربما الباكستانية.
 في الحقيقة لم أعرف ماهي لغته.
المهم أننا فكرنا في تغيير المسجد، ولأن المساجد الأخرى في غالب الظن قد انتهوا من الصلاة، آثرنا الجلوس والإستماع للخطبة.
حينها قلت لصديقي ياسر؛ دعنا نخوض التجربة ولنشعر بمايشعره هؤلاء في المساجد التي تخطب باللغة العربية خاصة أنك لاتنتبه كثيراً للخطبة كما أعرف، وأنا أصل متأخراً في كثير من الأحيان، فمسألة اللغة لن تكون مشكلة بالنسبة لنا.

جلسنا واستمعنا للخطبة وجلس معنا سعودي آخر بعد أن أنقذتهم ببساطي الأحمر الفاخر.

طالت الخطبة وانقشعت السحب، وأصبحت الشمس على رؤوسنا.
اشتد الحر وبدأ العرق ينزل فألقيت نظرة على ياسر فشاهدته في حالة يرثى لها، فخشيت أن يقوم ويترك الخطبة أو يصرخ بأعلى صوته: " صديق خلاص، سوي صلاة سرعة ".

الحقيقة كان الخطيب مفوهاً وقويا في خطبته، وهذا ماشعرته من نبرة صوته واسترساله في الخطبة، بينما المعنى لم أفهم منه إلا أنه كان يشتم اليهود فعرفت أنه يتكلم حول قضية القدس واشتباكات أهلنا في فلسطين مع اليهود، والتي حدثت في الأيام الأخيرة.

انتهت الخطبة، فتوقعنا أن تقام الصلاة، فحدثت المفاجأة بأنها الخطبة الأولى.
فقلت في نفسي: يارباه نصف ساعة للخطبة الأولى!

هذا يعني نصف ساعة ثانية وحر وشمس ورطوبة.

ألقيت نظرة سريعة على ياسر ففهمت من تعابير وجهه، أنه بدأ يشتم سيارته والشركة المصنعة للبطارية وربما مر على نفسه وشتمها، والأكيد أنه أشركني في الموضوع مع أنه ليس لي ذنب فيه.
وبما أن رحمة ربك وسعت كل شي، فقد جاء الفرج، فالخطبة الثانية مجرد دعاء لم يتجاوز ٣ دقائق، فأقيمت الصلاة وفرح الجميع، خاصة أخوتنا من الجالية السعودية.

بعد الصلاة كانت أول كلمة نطقنا بها يازين مطاوعتنا، فانطلق العنصري الذي في ثقافتنا فأتبعناها بعبارة، قال ايش قال إمام هندي.

اللهم سامحنا، وسامح ياسر، والشركة المصنعة للبطارية.

دمتم بخير وجمعة طيبة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

العيد 1445 هـ

كل عام وأنتم بخير .... يعود العيد في كل عام ... وفي كل عام تختلف الأجواء ...  في هذا العيد كانت الأجواء ماطرة وجميلة .. وكل شيئ كان رائعاً. ...