أياماً معدودات.

ها أنا أجلس على الرصيف المقابل للمسجد، فقد انتهت صلاة العصر قبل ساعة، وجرت العادة في رمضان أن يبقى الناس في المسجد بعد الصلاة لتلاوة القرآن الكريم.

الجو حار مع رياح متوسطة تحرك الأشياء الصغيرة الملقاة في الطريق. بدأت أستعير من ذاكرتي برنامجي خلال شهر رمضان .

شعرت أن هذا العام كان مختلفاً وأفضل من الأعوام الماضية، حيث وضعت برنامجاً سهلاً وغير متكلف، والحق يقال، كان ذلك أفضل وأنجع لحالي وأرحم لها، فحين تريد كل شيء تفقد كل شيء.

.....

( لاتعد شهراً انقضى منه ليلة )، حكمة لأهل نجد غالباً ما ترددها والدتي مع بداية شهر رمضان، وكأنها تشير إلينا بأخذ الهمة والعزيمة في العبادة، فأيام هذا الشهر الكريم ولياليه سريعة الإنقضاء.

قررت أن أكتب مافعلته في الأيام الماضية حتى أعرف حقيقة مافعلت، وحتى لا أبخس نفسي فيما فعلت.
والأخيرة هذه مهمة للغاية، وتغيب على أكثر الناس، فنحن لانكتب مانفعل، فلذلك نشعر دائماً في تأنيب الضمير بسبب معاتبة أنفسنا على تقصيرها وهي في الحقيقة لم تُذنب ولم تقصر.
أذكر أن أحد الأصدقاء كان يشتكي دائماً على نفسه وأنه إنسان لم يحقق شيئا في حياته والعمر بدأ يمضي وهو في مكانه. ذات يوم حاولت منعه من هذا العذاب الذي يمارسه على نفسه، فقلت له إنني أرى فيك إنساناً ناجحاً ومتميزاً، وحققت ماتريد في عمر قصير. لقد أنهيت الجامعة بالفترة المحددة ثم إلتحقت بالوظيفة ومن ثم تزوجت ولديك الآن أطفال وتملك منزلاً وسيارة، فعن أي فشل تتحدث ياصديقي؟!... بدأ يسترجع أنفاسه قليلاً وكأنه أخذ جرعة من الدواء، ثم بدأ يخفف من جلد الذات، ويتحدث عن النجاحات التي حققها وانعطف قليلاً يبرر مايقوله بمقارنته ببعض أصدقائه الذي أصبح بعضهم تاجراً، أو ممن أكمل دراساته العليا من زملاء الجامعة.

... 

صديقي هذا هو صورة مكررة لغالب الناس ممن أجهد نفسه في طلب كل شيء، وبوقت سريع.

أخيرا ،،، هذا شهر رمضان يودعنا ويرحل، فاكتب مافعلت من أشياء جيدة في حق الله أولاً ثم في حق عباده، وتذكر أن الله لايكلف نفساً إلا وسعها، ولاتنسى أن ماتفعله من خير لأهلك أو لأقاربك أو لعباد الله قد يتجاوز أجر صلاة التراويح والقيام والدعاء، فجوانب الخير عديدة وكثيرة، وربك واسع الرحمة والمغفرة.

كل عام وأنتم بخير.