الأحد، 1 يونيو 2014

الأسبوع الثاني: مقابلة زيدان.



اليوم هو أول أيام الاسبوع الثاني من الاختبارات، وسيكون هناك اختبار واحد لكل المراحل، ماعدا صف ثاني ثانوي، فهناك مادتين سيمتحن فيها الطلاب، لذلك سيكون وقت الخروج في الحادية عشر والنصف.
الفترة الأولى بدأت كما هو معتاد عند السابعة والربع، مع حضور متأخر لبعض الطلاب لقاعات الفصول، وهذه طبيعة طالب المرحلة الثانوية، تجده يتسحب لقاعة الاختبار ويُدفع لها دفعاً، وليس كلهم سواء، فالبعض يتردد في الدخول لقاعة الاختبار خوفا وحرصا على مراجعة جميع صفحات الكتاب قبل الدخول، والبعض لم ينظر حتى لجدول الاختبار الا عند الصباح، وهذا النوع يتأخر لعدم تقبله للمدرسة من الأساس، فهو يعتبرها سجن كبير ومكان سيء للغاية. 
لم يكن هناك حدث مهم داخل قاعة الاختبار, سوى تصرف أحد طلاب الأول ثانوي, حيث مارس دور الطالب الغثيث, وأزعج زميلي المراقب, والذي كان حليما جدا, حتى انفجر, وقام باستدعاء المراقب صاحب الوجه اللامبتسم, فقام بدوره تجاه الطالب وسجل عليه محضر ازعاج وقلة أدب في قاعة الاختبار, وهذا الإجراء يتخذ بهدف أن هناك اجراء فقط لاغير, والورقة نهايتها في مكان معروف.

الجميل في هذا الصباح هو مقابلة زيدان، وزيدان هذا ليس لاعب كرة القدم الشهير، بل هو صديق قديم، اسمه صالح زيدان, وكان يسكن بجواري سنوات العزوبية، مع أخ له يدعى فهد.
فهد هو الآخر معلم وترك أخوه صالح قبل سنوات, حيث نقل بناء على طلبه لمدرسة تقع في قريته وبجوار أهله, ليمارس هناك مهنة التعليم بكل هدوء وراحة، بينما أخوه صالح استمر في العمل بنفس المؤسسة التي أعمل بها, وذلك بحثاً عن الحوافز والسكن والمال.
سألت صالح عن فهد وكيف حاله ووضعه الوظيفي؟
أجاب بصريح العبارة " أحسن مني ومنك " وصالح يعني بعبارته هذه أنه أحسن في مهنته من حالنا, فلاهناك شيء يساوي المرونة في العمل والحرية.
أما أنا وأنت نعمل في بيئة متكاملة من كل شيء، ونفتقد للأسف للكثير من المرونة والأريحية, وخاصة في مهنة كالتعليم.

فالمؤسسة التي نعمل بها، لديها من الاستراتيجيات والشعارات لو وضع في كبرى الشركات لربما جن جنون موظفيها.
فتخيلوا استراتيجية تكون بهذه الصياغة  " استغلال أقصى طاقات المعلمين والمتعلمين في بيئة مناسبة " 
فكلمة استغلال مخيفة نوعا ما، وكلمة أقصى  فيها  من الطمع والبشع الكثير.
 كان من الواجب ترك قليلا من الطاقة للموظف ليعود بعد العمل لبيته وهو يملك بعضاً منها ليمارس بقية يومه بشكل طبيعي.
وهذا للأسف ما يتعرض له الكثير من الأخوة المعلمين فالغالبية يخرج من الدوام منهكاً فينام عند الظهيرة ولايصحوا الا مع غياب الشمس بسبب حالة التعب القصوى التي يعاني منها في العمل, وأتحدث هنا عن المخلص منهم داخل الحصة, والمطيع للإدارة بجميع ماتطلب, فهذا النوع تجده مثل النحلة داخل المدرسة. 
أمَا الذي قرر أن يكتفي بالاخلاص في الشرح, والضرب بعرض الحائط لماتطلبه الإدارة, فهذا أقل جهدا ولكن كان الله في عونه  في مواجهة الإدارة.
وبالطبع هناك نوع ثالث لاقيمة له, فلا أداء في الحصة ولا مراعاة للإدارة وهذا النوع خطر جداً, ولا أنصحكم بالاقتراب منه, ولكنه ولله الحمد قليل جدا.

الدوام بالنسبة للحياة هو جزء صغير من أمور كبيرة مليئة بالكثير من الالتزامات والمناسبات, بينما نحن للأسف استنسخنا أفكارا قد لاتناسب وضعنا الديني والاجتماعي, فأصبح الدوام هو الأصل وباقي الأمور فرع, فضحى  الكثير من الناس بأمور عديدة لم ينتبهوا لها الا بعد أن استلموا ورقة التقاعد ونهاية سنوات الخدمة.
هناك بعض المجالات التي كُتب على موظفيها العمل لفترة طويلة مثل الطب والأمن, وهؤلاء كان الله في عونهم.

وأذكر أن أحد الزملاء درس في العراق في عهد الرئيس صدام حسين، وأخبرنا بأن الدوام في جميع الدوائر الحكومية هناك يبدأ عند الساعة الثامنة وينتهي عند الساعة الثانية عشر، وكانت العراق وقتها متميزة ومتقدمة في جميع المجالات ومنها التعليم. 
لم يضر العراق قلة الوقت، ولكن التركيز هو أساس التعليم, وأساس العمل، أما حالة تسحيب الطلاب والمعلمين في أجواء حارة وطقس غير مناسب أكثر أيام السنة أمر غير مقبول أبداً، فالطالب لم يعد يستطيع التركيز بسبب كثرة المواد والاختبارات وطول وقت الدوام وأيضاً بسبب الروتين الممل داخل المدرسة، فهو حبيس طاولة وكرسي ويستمع طيلة اليوم لرتل من المعلومات المختلفة والواجبات المملة, حتى فقد الطالب قدرته على التركيز, وهذا ما تسبب في اخراج  الكثير من الأجيال المضروبة.

قد يقول قائل ان النظام المعمول به في بعض الدول الأوروبية هو اليوم الدراسي الطويل ويمتد للساعة الخامسة! 
أجيب بأن هذا الأمر صحيح, ولكن السؤال هنا:
هل الأجواء هي نفس الأجواء, وهل عدد ساعات النهار في أوروبا مثل عدد الساعات لدينا, والسؤال الأهم هل باستطاعتنا توفير مدارس بهذا الشكل, ان كان الجواب نعم فأنا والله على استعداد أن أنام في المدرسة.

شكرا لكم, ونلتقي في الغد باذن الله. أستودعكم الله.

صور لبعض المدارس:










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

العيد 1445 هـ

كل عام وأنتم بخير .... يعود العيد في كل عام ... وفي كل عام تختلف الأجواء ...  في هذا العيد كانت الأجواء ماطرة وجميلة .. وكل شيئ كان رائعاً. ...